محاولة اغتيال سياسي فاشلة

 

مع كل موسم انتخابي تتجدّد محاولات الاغتيال السياسي للزعامة السياسية والشعبية لآل المر في الساحة المتنية خصوصاً واللبنانية عموماً، ولكنها تبوء دوماً بالفشل ويرتدّ القائمون بها مَدحورين الى جحورهم.

بعد إقرار اتفاق الطائف تعرّض آل المر لمحاولتي اغتيال سياسي وجسدي في آن، الاولى استهدفت دولة الرئيس الراحل ميشال المر عام 1992 يوم كان نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع ينفّذ قرار حل الميليشيات تنفيذاً لهذا الاتفاق، ولكن العناية الالهية نَجّته منها بأعجوبة وعاش شهيداً حياً الى مثل هذه الايام من العام الماضي والمحاولة الثانية كانت عام 2005 واستهدفت دولة الرئيس الياس المر يوم كان نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع ونَجّاه الله منها بأعجوبة، وها هو مستمر شهيداً حياً في حمل رسالة الأب في خدمة المتنيين واللبنانيين الى جانب ترؤسه مؤسسة الانتربول الدولية، وفي الوقت نفسه مُحَمّلاً نجله ميشال الياس المر الرسالة التي كان يتعاون وميشال الاب في حملها منذ يَفاعته.

 

وخلال انتخابات 2018 تعرّض ميشال المر الأب لأعنف محاولة اغتيال سياسي ولكنه نجا منها مُخترقاً لوائح الخصوم فائزاً بالمقعد النيابي بفِعل وفائه الدائم للمتنيين الذين ما خَذلوه يوماً وإنما بادلوه الوفاء بالوفاء، وهم لن يخذلوا حفيده ميشال الياس المر المرشح للمقعد الارثوذكسي في المتن الشمالي في هذه الانتخابات، وهو الآتي الى عالم السياسة وتعاطي الشأن العام ليس بدافع الوراثة وإنما بدافع ما نَشأ عليه في بيئة تحبّ خدمة الناس شأنه شأن الوالد والجد، وكذلك بدافع اقتناعه بجدوى الاعتدال الذي ميّز آل المر دوماً عن الآخرين في كل المراحل التي تقلّب فيها الوطن وتبوّأوا ريادته، لأنّ الاعتدال بمقدار ما يفيد في تعزيز اواصر الوحدة الوطن بمقدار ما يفيد في تكوين تيار كبير يَدحض الخلافات والمناكفات والعنف كأسلوب في معالجة القضايا الوطنية ويؤسّس لبناء دولة لبنان الانسان التي من شأنها إخراج البلد من الطائفية التي كانت ولا تزال المانعة لقيام الدولة القوية العادلة المنيعة التي يعيش فيها اللبنانيون على قدم المساواة وأحراراً.

 

وعلى مدى عقود شكّلت الزعامة السياسة لآل المر في المتن خصوصاً وعلى المستوى الوطني عموماً محور استقطاب سياسي وشعبي على المستويين المسيحي والوطني، وفي مراحل كثيرة عندما كان يُفتقد سرّ الدولة يُعثَر عليه عندهم، ولكن هذا الواقع بمقدار ما شكّل ضماناً للبنانيين والمسيحيين عموماً بمقدار ما وَلّد مركبات نقص لدى خصومهم والمنافسين الذين لم يعدموا وسيلة لمحاربة هذه الزعامة التي تصرّفت حيالهم على الدوام وفق قول الاعرابي الشهير: «كلما طُعِنتُ في الظهر أشكر الله على انني ما زلتُ في المقدمة».

 

وبالفعل، ولا مبالغة في القول انّ آل المر كانوا دوماً في المقدمة والسبّاقين الى اجتراح الحلول للازمات يوم تَندر الحلول، والى احترام الاصول والتزامها في تعاطي الشأن السياسي او في خدمة الناس ولا سيما منهم ابناء المتن، والانجازات الميدانية الانمائية وغير الانمائية. وتعلّق المَتنيين بهذا البيت السياسي المفتوح دوماً لهم خير دليل على هذه الحقيقة التي لم يتمكن خصومهم من تغييبها في اي حال.

 

ولأنّ ميشال المر قرر ان يخوض هذا الموسم الانتخابي بعيداً من منطق التوريث الذي لا يَستسيغه، ينكبّ أصحاب مركبات النقص على فَبركة وقائع وتزوير أُخرى محاولين اغتياله سياسياً وهو في ريعان شبابه السياسي الواعد ضمن محاولاتهم المتكررة لإخراج آل المر من الحياة السياسية والتي باءت دوماً بالفشل، فلقد ثَبت بالتجربة وفي كل المراحل وحتى الآن انّ آل المر يرتبطون عميقاً بالبنية الاجتماعية المتنية واللبنانية، شأنهم في ذلك شأن قامات وشخصيات كثيرة على مساحة لبنان. وميشال المر يخوض معركته الانتخابية على اساس خطاب اعتدالي وطني يليق بما يجب ان يكون عليه لبنان المستقبل، ولم يصدر عنه اي خطاب تحريضي ضد منافسيه الذين ينبري بعضهم الى الاصطياد ضده في المياه العكرة، وانما يرفع شعار خدمة المتنيين خصوصاً واللبنانيين عموماً، داعياً كل من يشبهه الى التعاون معه لتكوين تيار سياسي وطني يقرّب بين المتباعدين على طريق بناء دولة لبنان العيش الواحد قولاً وفعلاً.

 

لم يترشّح ميشال المر للنيابة فارضاً نفسه على المتنيين او لوراثة مقعد جده النيابي، وإنما ترشح رغبة منه في خدمة الناس. وقال: «رسالتي هي خدمة المتنيين وأترك لهم حرية الخيار». فمن يعرف آل المر يُدرك انّ المنصب السياسي عندهم لا يتقدم على خدمتهم للناس اولا واخيراً، بل انهم يجعلون هذا المنصب في خدمة مصالح الناس بعيداً من المصالح الشخصية، ولو كان الواقع غير ذلك لكان المتنيّون وغيرهم انفَضّوا من حولهم منذ زمن طويل.

 

ولم يَغب آل المر طوال اكثر من خمسين عاماً عن الحياة السياسية ولا عن المتن والمتنيين، وفي احلك الظروف ويوم ابتعَدت زعامات وقيادات كثيرة وانزوَت عن الدوحة المتنية، كانوا هم حاضرون بقوة الى جانب الناس، وهو امر لا ينكره سوى الناكرين والخصوم، علماً أن آل المر حرصوا دوماً على رغم من الخصومات السياسية وتعرّضهم للطعن بالظهر على عدم إغلاق اي بيت سياسي سواء كان خصماً او منافساً، وكانوا ولا يزالون يسخرون من كل مَن يهدّد ويتوعّد بإقفال البيوتات السياسية و»جَعل العشب ينبت على ابوابها».

 

ولقد ترشّح ميشال المر متحالفاً مع حزب الطاشناق في لائحة «معاً أقوى» غير شاهِر سيف الالغاء ضد احد من المنافسين من اضعفهم الى اقواهم، وهو يطمح الى ان يساهم مع الآخرين من خلال المقعد النيابي في إطلاق ورشة وطنية شابّة تتمكّن من انتشال البلاد من الانهيار، وكذلك للاستمرار في خدمة المتنيين واللبنانيين ومَن يراقب خطابه السياسي منذ اعلانه ترشحه يدرك هذه الحقيقة جيداً، فهو لم ينزلق الى سجال مع أي من اصحاب ألسنة السوء والمتحاملين عليه لإدراكه انهم ما كانوا ليفعلوا ذلك إلّا لأنهم أيقنوا انه اقوى منهم شعبياً وانّ له في قلوب المتنيين من التأييد ما يجعله عَصياً على اي هزيمة في المعركة الانتخابية التي سيخوضها بسلاح الكلمة الطيبة مُعتمداً على الوفاء المتني الذي ما خَذل آل المر على مدى عقود وحتى اليوم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...