دلالات "بارزةٌ" لـ خطاب نصرالله!


 الهدوء الذي طبع إطلالة الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله منذ أيام، لها دلالات بارزة، لعلّ إحداها الطمأنينة التي يشعر بها ربطاً بموقعه وحلفائه في الإستحقاق النيابي المقبل، ولو أنه شدّد مراراً خلال ظهوره على عدم الأخذ بالجو الإيجابي الذي حسم منذ الآن فوز "محور الممانعة" في استحقاق أيار المقبل.

يبدو "حزب الله" في الجنوب اللبناني مرتاحاُ إنتخابياً بما فيه الكفاية، إلى حدّ أزاح همّ الحملات الإنتخابية الدعائية عن كاهله. مردّ ذلك إلى عامل أساسي يتمثّل في عدم وجود لوائح منافسة حقيقية في وجهه. هذا التوفير، يتوقع أن يصبّه الحزب لملء أمكنة أخرى لها علاقة بضخّ مزيد من المؤازرة في ما بات يُصطلح على تسميته "معركة الأمن الإجتماعي" غير أن ذلك وعلى أهميته، لا يعني أن الحزب مرتاحٌ بالمطلق إلى معركة أيار 2022 ما دام أن الخطر داهم بالنسبة إلى جمعٍ ليس بقليل من الحلفاء.عملياً، تأكد لدى الجميع أن هزيمة الحزب في الإنتخابات قضية غير واردة أو أنها شبه مستحيلة، لذلك تقرّر على صعيد صُنّاع القرار الذهاب إلى استراتيجيات بديلة، من بينها إعادة تفعيل الحضور العربي في بيروت. الترجمة العملية أتت من خلال استعادة السفيرين السعودي و الكويتي. في المقابل، ولدت نظريةٌ أخرى، تمثّلت في الذهاب نحو محاولة خفض نسبة الإقتراع في الإستحقاق النيابي، كبديل عن المنحى القديم الذي دعم فكرة الترويج للإنتخابات على أنها مناسبة للتغيير طالما أنها لم تخدم الغرض بفعل غياب القدرة لدى قوى التغيير المفترضة. وإفتراضاً، يعني "خفض الإقتراع" محاولة الخفض من قيمة الحواصل. وفي اعتقاد أوساط معينة، أن انخفاض الحواصل، سيستفيد منه خصوم الحزب سياسياً في دوائر سياسية معينة، لا يخوضون فيها بالضرورة مواجهات مباشرة مع الحزب، وإنما بالواسطة من خلال استهداف حلفائه، على رأس هؤلاء "التيار الوطني الحر".

المرور إلى تلك النظرية، يقضي اعتماد مسارات علمية بحتة، كمراكز الإستطلاع و الإستفتاء وما يشبه ذلك، وهو الخطر الذي ألمحَ إليه نصرالله على هامش ظهوره الأخير. تتولى هذه المراكز تقديم المعلومات حول خريطة الإستحقاق النيابي، وهنا لا بدّ من لفت النظر إلى وجود مراكز تعمل في خدمة أجندة سياسية تتمثل في تعميم حالات الإحباط السياسي من وراء الزعم المتكرر بفوز الحزب، لهدف تقليل نسبة المشاركة في الإنتخابات. يبقى أن هناك مراكز أخرى، تنطلق عملياً من أسس علمية ورقمية وتقدمها كعمليات رصد للشارع، غير آبهة بمقدار الإستفادة السلبية منها.

في المقابل، تتولى وسائل إعلام الإستفادة من النتائج، فيتمّ مثلاً استخدام الدراسات وخلاصاتها في معرض الترويج لنظرية أن "حزب الله" فاز أو سيفوز، للتأثير على الناخب ودفعه إلى عدم المشاركة يوم 15 أيار، سيّما في الدوائر الحساسة.

الوصول إلى هذه التبدلات والتحولات، كان سببه في الأصل اليقين من عدم قدرة قوى التغيير على إحداث فرق طوال شهور من العمل دون فائدة، الذي أدى في نهاية المطاف إلى خلق أجواء من عدم الثقة بين المجموعات، بالاضافة إلى ضياعهم وتشتتهم واتساع رقعة مشاكلهم الداخلية ونموّ ثقافة الـ"أنــا"، كلّ تلك العوامل كان لها مساهمات عميقة في حياكة النظرة الحالية إلى الإنتخابات واستيلاد مفهوم "خفض نسبة الاقتراح".

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...