هل إتُخذ قرار إقالة سلامة؟


 إتخذت المواجهة بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من جهة والعهد وخلفه التيار الوطني الحر وحزب الله من جهة أُخرى منحى تصعيديا غير قابل لأي تسوية من شأنها تهدئة الجبهة بين بعبدا ومصرف لبنان ولم تُسفر المساعي التي دخلت على الخط وتحديدا تلك التي قادها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بلورة صيغة توافقية تُبقي الحاكم بمنأى عن السهام القضائية وتُعيد ما انقطع مع بعبدا. 

فكل طرف قرر المواجهة حتى الرمق الأخير على قاعدة "إما أن أكون أو لا أكون"قصة إقالة الحاكم أُثيرت قبل أشهر مع الجانب الفرنسي  المتحمس لهذا الإجراء، ولكن الفيتو الاميركي كان في المرصاد مانعا أي تحرك من شأنه وضع سلامة في الاقامة المالية الجبرية وتلقى الفرنسيون نصيحة من الاميركيين تدعوهم الى غض النظر عن هذا الموضوع في تلك المرحلة حيث كان التفاوض مع الايرانيين يسير ببطء ويُركز على جملة ملفات منها لبنان. لا يريد الاميركي التفريط بأوراقه السياسية المالية والامنية في غمرة مفاوضاته على ملف ترسيم الحدود، فتمنى تأجيل البحث في ملف إقالة سلامة كونه لا يشكل أولوية بالنسبة إليه، واعدا بمناقشته فور تبلغه الموقف اللبناني المتصل بالترسيم.

وفي توقيت الترسيم، كان الفريق الرئاسي وخلفه القوى الداعمة، يضغط لفتح ملفات حاكم مصرف لبنان قضائيا، تزامنا مع تحريك الملف في دول أوروبية وتولى هذه المهمة عدد من المحامين المقربين من هذا الفريق وعدد من النواب. توزعت المهام على المستويين القضائي والاعلامي، فأي خطوة تتخذ على المستوى القضائي يتم الاعلان عنها عبر وسائل اعلام عالمية، لتنتشر بعدها على المستوى المحلي وتُشكل عامل ضغط على القضاء الذي يبادر الى استدعاء سلامة وكل شركائه.

الحاكم الذي مَثُل أمام القضاء بعيدا عن الاعلام، هو اليوم محط أنظار الجميع في ضوء التطورات المتصلة بملف الاثراء غير المشروع الذي فُتح على مصراعيه في اوروبا ولبنان ونتيجة الخطوات القضائية التي تم اتخاذها وأبرزها توقيف شقيقه رجا سلامة في ملف الشقق الأربع وتبييض الأموال، واتهامه أيضا في ملف شركة «فوري» التي يُشتبه في أنّه نتج منها اختلاس مبالغ تُقدّر بـ 330 مليون دولار وفق الدعوى المُقامة ضده تؤكد مصادر قضائية أن ملف سلامة لن يُقفل بل سيأخذ اتجاها تصاعديا في الاسابيع المقبلة، مشيرة الى أن جلسة الاستماع الى الرجل بجرم "تبييض الأموال والاثراء غير المشروع والتي أرجأها القاضي منصور الى حزيران المقبل"، ستكون مفصلية وقد نشهد فيها قرارات قضائية جريئة حديث المصدر القضائي عن قرارات جريئة تؤكده دوائر قصر بعبدا، حيث تشير أوساطه الى أن قرار إقالة سلامة إتخذ وقد يكون قبل الانتخابات النيابية على أن يمثل الرجل أمام القضاء بصفته حاكم سابق لمصرف لبنان فإما ينجح بتبرئة نفسه أو يفشل وهنا يكون مصيره السجن.

في المقابل، يُحذر خبراء مصرفيون من أي خطوة قد تؤدي الى توقيف رياض سلامة أو إقالته من دون أن تحظى بتوافق دولي وداخلي، مشيرة الى أن الفرنسيين الساعين الى الاطاحة بسلامة لتنصيب بديل مقرب منهم، لا يمكنهم تحمل تبعات إقالته من دون غطاء أميركي، لأن ذلك يقودنا حكما الى انهيار مالي كبير وخطير فهل حُسمت اقالة سلامة من منصبه بانتظار التوقيت الرئاسي، أم أن ما يُثار قضائيا واعلاميا من ملفات تتصل بالرجل وشركائه مجرد زوبعة في فنجان ومصيرها كسابقاتها؟.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...