"هدية ثانية" من الثورة... إلى السلطة


 لا تزال الشكوك تحيط بإمكانية تأجيل الإستحقاق الإنتخابي النيابي، على رغم إقفال مهلة تسجيل اللوائح وانطلاق السباق بين المرشّحين، وحتى داخل اللائحة الواحدة في بعض الدوائر، وذلك، بصرف النظر عن الكلفة التي قد تتكبّدها أحزاب وتيارات كبرى بسبب التنافس بين مرشّحيها من جهة، وحلفائها "المرحليين" من جهة أخرى.

ومن هنا، فإن المشهد الإنتخابي، وبحسب أوساط سياسية متابعة، سيكون مختلفاً من حيث الشكل والمضمون، حيث أن حتمية حصول هذه الإنتخابات لم تتكرّس بعد، في ضوء ظهور مناخات سياسية محلية ومؤشّرات ومواقف خارجية، تؤشّر إلى احتمال التأجيل لأسباب عدة معلومة وأخرى مجهولة، وأبرزها شرذمة قوى التغيير والمعارضة، وعلى رأسها فريق الثورة، الذي سيقدّم هدية إلى السلطة نتيجة عجزه عن تشكيل لائحة واحدة في كل دائرة انتخابية على مستوى لبنان كله، مما يوفّر لهذا الفريق الفوز بنصف مقاعد مجلس النواب المقبل، كما كان متوقّعاً لو تعاونت المجموعات، ولم تنقسم حول النفوذ والترشيحات.

وتابعت الأوساط نفسها، أنه إذا كان الإنهيار الإقتصادي الذي تعيشه البلاد سبباً في تعكير صفو الإستحقاق لجهة التأثير على مستوى التعاطي، كما على مستوى الإقبال بكثافة على الإقتراع، فإن تقديرات الباحثين في هذا الشأن، لا تضع سقفاً لنسبة المشاركة يتجاوز الثلاثين في المئة، وهو ما من شأنه أن يعزّز ظروف فوز مرشحي ولوائح السلطة، فيكون ضعف المشاركة، بمثابة الهدية الثانية التي يقدّمها الإنهيار للسلطة، لكي تعيد تجديد سيطرتها على كامل القرار السياسي.

وبرأي الأوساط السياسية، فإن محطة الإنتخابات، هي بمثابة الإستفتاء على الخيارات، كما على الحلول المرتقبة لكافة الأزمات والملفات المطروحة اليوم والتي يرتبط الحسم فيها بصورة وطبيعة الإصطفافات السياسية المقبلة، والتي ستتشكّل بعد الخامس عشر من أيار.

وعلى أساس النتائج هذه، تُضيف الأوساط السياسية، فإن لوحة جديدة ستتظهّر في ساحة النجمة، كما على مساحة لبنان كله، وذلك، بغض النظر عن طبيعة هذه اللوحة سواء إذا كانت إيجابية أو سلبية، فإن كل الأطراف الداخلية، وعلى اختلاف انتماءاتها السياسية والطائفية، سواء كانت من القوى السياسية التقليدية أو "التغييرية"، تسعى، وعبر استخدام كل الأسلحة المتاحة لديها، إلى حجز مقاعدها في المجلس النيابي، خصوصاً وأن ما من مفاجآت بارزة، باستثناء المفاجأة التي قد تكون على مستوى الشارع الذي لم يحدّد بعد ردّة فعله على الواقع المالي المتدهور، وذلك، بالإعتكاف أو بالإنتقام من خلال صوته، أو الورقة البيضاء التي قد يستخدمها كسلاح وحيد بيد الناخب لنسف كل مخطّطات السلطة في الدرجة الأولى، وكل الأطراف في الدرجة الثانية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...