الهجرة غير الشرعية في قوارب الموت تهجيرٌ ممنهج

 

إذا كانت عائلات طرابلسية قد غرقت بأكملها في مركب الموت فجر الأحد الماضي، فإن مئات الآلاف من أهل المدينة غارقون في ما هو أسوأ من الفقر وهو انعدام الأمل بغدٍ أفضل. فالحرمان والإهمال قد حوّلا هذه المدينة على امتداد السنوات الماضية، إلى فريسة للهجرة غير الشرعية، وقبلها إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات السياسية المحلية والإقليمية.

وفي الوقت الذي تلملم فيه المدينة أشلاء أبنائها الغرقى وتبحث عن ناجين محتملين، أسئلةٌ كبيرة تفرض نفسها على سطح مشهد الحداد في عاصمة الشمال اليوم والذي يختصر مشهد الحداد على ضحايا انفجار المرفأ في 4 آب وانفجار مخازن المازوت والبنزين في التليل في الصيف الماضي، وهي تتناول مستقبل المدينة وواقعها الإجتماعي، وانسحاب معادلة الفقر واليأس على مناطق أخرى في الشمال كما في البقاع والجنوب والعاصمة، وذلك في ضوء معلومات عن سيناريو أمني ومالي واقتصادي لإدخال الساحة الداخلية وليس فقط طرابلس في نفقٍ شديد الإنهيار.زياد الصّائغ، المدير التنفيذي لـ "ملتقى التأثير المدني"، يعتبر وفي حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أنّ "قوارب الموت في طرابلس، والتي من الممكِن أن تنتشر على امتداد الشاطىء الّلبناني، يوازيها تفلّت على الحدود البرّيّة، ويعود سببها الأوّل إلى تنامي اليأس من الوضع الإقتصادي-الإجتماعي، وغياب العدالة، وتحلّل الدّولة. ولكن السبب الثاني، فيتمثّل في بروز مافيات تحترِف عمليّات تهريب النّاس لقاء أموال طائلة، وتحتمي بمواقع نفوذ على كلّ المستويات.

وبالتالي يؤكد الصائغ، أنه "لا بدّ من بلورة سياسة عامّة توازن بين تعميم العدالة الإجتماعية، ومكافحة المافيات، وهذا حتماً لن تقوم به المنظومة الحاكمة المتوّرطة به حتى النّخاع، والتي لطالما دفعت طرابلس وما زالت أثماناً غالية جرّاء إهمالها وشيطنتها على حدّ سواء تنفيذاً لأجنداتٍ خبيثة".

ويضيف الصّائغ، إن ""ظاهرة الهجرة غير الشّرعيّة خصوصاً حيث يسود القمع، والفقر، هي تهجيرٌ ممنهج، ومن هنا التشابُه البنيويّ في ما بين هذه الظواهر، ولو اختلفت التوزّعات الجغرافيّة، وهنا أيضاً بقدر فشل السياسات الوطنيّة، إذ من الواضح أنّ السياسات الإقليميّة والدّوليّة تحتاج إعادة هيكلة على كلّ المستويات، ربطاً بأزمتي الّلجوء والنزوح والّلتين باتتا في مربّع محاذير سياسات الهويّة القاتلة".

ورداً على سؤال عن احتمالات تكرار سيناريو الموت بحراً، يقول الصّائغ إن" أهل طرابلس، وكلّ الشعب الّلبناني ضحايا جريمة منظّمة تقوم بها المنظومة الحاكمة، وثمّة أجندات شيطانيّة تسعى للإستثمار الجهنميّ في المأساة، وكلّنا معنيّون بتحقيقٍ واضح يتحمّل فيه كلّ مسؤوليّاته دون التِباس، فأرواح الضحايا فوق كلّ اعتبار، والعدالة آتية حتماً، وعلى القوى المجتمعيّة الحيّة وضع قضيّة العدالة في سلّم أولويّاتها، فلا أمن مجتمعي دون عدالة".

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...