ما ينتظر اللبنانيين أخطر من "الإنفجار" ...

 

قد تكون أزمة واحدة من الأزمات المتعددة التي يعانيها الشارع اللبناني اليوم كافية لإطلاق انتفاضةٍ شعبية عارمة في أي بلد ديمقراطي، لكن اللبنانيين المثقلين بالآلام، يكتمون الغضب ويعيشون واقع الإنفجار يومياً وفي صمت ومن دون ترجمة على الأرض، خلافاً لكل دول العالم حيث انتفض الشعب بوجه السلطة التي شطبت ودائعهم كما في سري لانكا على سبيل المثال منذ أيام. 

فالإنفجار قد وقع وطبيعته متدحرجة ببطء، يقول المحلل والكاتب السياسي نبيل بو منصف، ومردّ ذلك إلى أن اللبنانيين ولأسبابٍ عدة منها تجربة حرب الـ 40 عاماً، باتوا يتكيّفون مع الأزمات وإن كانوا يعيشون اليوم أسوأ أنواع الإنفجارات الإجتماعية التي عاشها أي شعب في العالم.

ووفق بو منصف، فإن "الإنفجار الإجتماعي الذي سيقلب الطاولة على المسؤولين، لن يقع، ولكن قد يؤدي إلى انفجارٍ أمني، ويشدد ل"ليبانون ديبايت"، على أن ما يحصل خطير، لأنه دفع اللبنانيين إلى يأسٍ وفقرٍ غير مسبوقين والآن وصل إلى مرحلة انقطاع الرجاء من المستقبل. والمثال الصارخ على هذا اليأس، برز أخيراً من خلال غياب ردة الفعل الشعبية على تسريب خطة تلغي 60 مليار دولار من ودائع المواطنين".

هل إستسلم اللبنانيون لقدرهم؟ عن هذا السؤال يجيب الكاتب بومنصف، إن "أخطر أنواع إرضاخ الشعوب هو اليأس والإستسلام، وما يعيشه لبنان اليوم، هو أخطر من الإنتفاضة أو الثورة أو الإنفجار، خصوصاً أنه وبعد الإنتخابات النيابية المقبلة، ستأتي سلطة جديدة تمدد حال الإنفجار والإنهيار ومن دون أي أفق للمستقبل".

ويؤكّد أن "إلغاء جنى عمر اللبنانيين بشطبة قلم ومن دون أي موجب قانوني، هو مجزرة وجريمة، لأن ما هو مسلّم به عالمياً، أن الوديعة هي حق للمودع ومن الواجب استرجاعها، وهذا الحقّ مُثبت في الدستور وفي العرف الإنساني، كما أنه وفي حال حصول انهيار مالي، تقوم السلطة بوضع خارطة طريق لاسترجاع الودائع ولو بعد سنوات، ولكن ما حصل في لبنان، أن الدولة ألغت الودائع في ظلّ سكوت الشعب".

ويستدرك موضحاً أنه "إذا كان مليون و400 ألف شخص فقط لديهم ودائع في المصارف، فهذا يعني أن ثلث الشعب سيخسر ودائعه، ومن بينهم المغتربون الذين وضعوا ثقتهم بالقطاع المصرفي فشملهم الإنهيار أيضاً".

وبالتالي ورداً على هذه المجزرة، فإنه "على اللبنانيين إسقاط هذه الطبقة وليس إسقاط النظام، بعدما انقلبت السلطة على حقوق المواطنين، كما يشير بومنصف، الذي استبعد أية "إحتجاجات شعبية لاعتبارات عدة أهمّها، إستسلام اللبنانيين وتعدد موجات الثورة التي منعت حصول انتفاضة حقيقية وجذرية تُقيم سلطةً وطبقة سياسية جديدة وتغييرية بالكامل، وتُجمّد معدلات الهجرة، ومشدداً على تعبير الإنتفاضة وليس الثورة لأن الناس تخاف من الثورة والعنف والدم. وفي هذا الإطار، لا يتوقع مرور خطة التعافي، لأن ما من جهة سياسية تملك الجرأة "للبصم" على الجريمة والجناية بحق اللبنانيين".

وعن دور قوى التغيير يقول بومنصف، إن "مُرشحي الثورة غارقون في لعبة الإنتخابات النيابية، وإن كان يؤيد ذهابهم إلى الإنتخابات، مع العلم أن المانع الأساسي أمام حصول انتخابات حقيقية وديمقراطية، يكمن في الإنهيار الذي دفع إلى نسبة مقاطعة من جهة وانعدام ثقة الناخبين بطبقة المجتمع المدني من جهةٍ أخرى، وهم ما يدفع للخشية من أن يكون اللبنانيون أمام خيبة أمل كبيرة بعد 15 ايار. وإنما في الوقت نفسه، يركز على حتمية الإستحقاق، لأنه لا يمكن للسلطة أن تُسقط آخر ورقة لديها تُدين مصداقيتها في المطلق، علماً أن ما من سبب يمنع الإنتخابات في موعدها".

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...