الطائرات المسيّرة في أوكرانيا... توجيه النيران وتوثيق الحرب من السماء


 جاء في "الحرة":

بلقطة مصورة من طائرة بدون طيار مصممة للاستهلاك التجاري، يظهر جنود روس يطلقون النار على مدني خرج من سيارته ويداه مرفوعتان في الهواء، وهو ما يكشف حجم الانتهاكات الروسية.

وهناك في الأجواء أيضا طائرات لوكالات صحفية ومؤسسات إعلامية تصور الحرب وعمليات إجلاء اللاجئين، وتوثق من السماء ما يجري على الأرض.فيما يطلق جنود أوكرانيون النار على طائرة بدون طيار أخرى يعتقد أنها تابعة لروسيا، تستخدم على الأكثر لتوجيه نيران المدفعية.

وفي وقت لاحق، في مدينة ماريوبول الأوكرانية المنكوبة، التقطت طائرة بدون طيار تحلق بها القوات الأوكرانية مشهدا جويا عالي الوضوح لضربة مباشرة على دبابة روسية.

وبعد الوميض الأولي، ينقشع الدخان ليكشف عن جندي ميت وآخر يزحف بعيدا عن الحطام.وعلى الرغم من أن أوكرانيا ليست أول حرب تندلع على الأرض وويصل صداها وسائل التواصل الاجتماعي، أو أول صراع تلعب فيه طائرات بدون طيار صغيرة ورخيصة دورا كبيرا، إلا أنها أول صراع يتم توثيقه بشكل شامل من السماء بواسطة هذه الطائرات التي "يقودها الجميع من الجنود على كلا الجانبين إلى المراسلين والمدنيين الفضوليين"، بحسب تقرير لمجلة Foreign Policy.

وتقول المجلة إنه "فيما يظهر واضحا إبداع طياري الطائرات بدون طيار الأوكرانيين ومهارتهم وشجاعتهم، لكن هناك أيضا قلق على سلامتهم".

وتضيف أن "الوضع القانوني لطياري الطائرات بدون طيار، حتى المدنيين منهم، في منطقة الحرب غير مؤكد إلى حد كبير، ومحاولة تصوير ما يجري، من بعد قد تعني المخاطرة بحياتهم"وبعد أن غزت روسيا شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس في عام 2014، بدأ خبراء الطائرات بدون طيار الأوكرانيون (الذين بدأ الكثير منهم كبناة نماذج هواة) في العمل عن كثب مع القوات المسلحة في البلاد - وبناء طائراتهم بدون طيار الخاصة بهم وتجربة الطائرات بدون طيار العسكرية والمنزلية وغير المكلفة في المناوشات الحدودية.

وفي حين اجتذبت أنظمة بيرقدار المسلحة التركية الصنع قدرا كبيرا من اهتمام العالم يبدو أن الكثير من اللقطات الجوية عالية الدقة القادمة من أوكرانيا يتم تصويرها بواسطة طائرات بدون طيار رخيصة الثمن نسبيا وأصغر بكثير من فئة المستهلكين، ومعظمها من صنع شركة DJI الصينية.

ولكن هناك أيضا استخدامات هجومية مباشرة.

وقد تبنت وحدة Aerorozvidka مؤخرا استخدام طائرات بدون طيار صغيرة لإيقاف تقدم الرتل الآلي الروسي الكبير الذي يبلغ طوله 40 ميلا خارج كييف.

وحلق هؤلاء بطائرات بدون طيار مجهزة بأجهزة استشعار حرارية في الليل وألقوا قنابل خفيفة الوزن على القافلة.وينشر الجنود الأوكرانيون بانتظام مقاطع فيديو بطائرات بدون طيار على الصفحات العسكرية الرسمية بشكل يوضح للعالم كيف يستخدمون الطائرات لتحديد ضرباتهم المدفعية بشكل أفضل.

تحذيرات

وتقول المجلة إن أكبر مشكلة تواجه من يوجهون الطائرات بدون طيار المستهلكين في منطقة القتال هي مشكلة التمييز، وهي واحدة من المبادئ الأساسية في القانون الإنساني الدولي.

ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، يجب على أطراف النزاع المسلح "التمييز في جميع الأوقات بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وبالتالي توجيه عملياتها فقط ضد الأهداف العسكرية".

 وفيما تقوم الدول بتمييز طائراتها المقاتلة بالرموز وبإشارات الراديو وغيرها، فإن من الصعب للغاية تمييز الطائرات بدون طيار من الجو.

وفيما يتم إطلاق النار على الطائرات بدون طيار غير المعروفة للجيوش باعتبارها عدوة "إلا أن من الممكن جدا" أن يخطئ المدافعون وأن يتسببوا بضرر لمدنيين، بحسب المجلة.

وعلى الرغم من أنه يتم تطوير العديد من معايير وتقنيات تحديد الهوية عن بعد في جميع أنحاء العالم للمساعدة في دمج الطائرات الصغيرة بدون طيار في أنظمة مراقبة الحركة الجوية العادية، إلا أنها لا تزال قيد التطوير إلى حد كبير.

مخاطر

وتعني هذه الصعوبات التقنية أن الطائرات الاستهلاكية بدون طيار لها وضع غير مؤكد بشكل واضح بموجب القانون الإنساني الدولي. كما أن مستخدمي الطائرات بدون طيار المدنيين، مثل الصحفيين والمواطنين الفضوليين، قد لا يكونون على دراية بالآثار المترتبة على أفعالهم.

وفي أحد مقاطع الفيديو الأخيرة من أوكرانيا، صور مراسل دولي نفسه وهو يقود طائرة بدون طيار لمراقبة موقع القوات الروسية بينما سمح للجنود الأوكرانيين بالتجمع حول شاشة العرض.

وتقول المجلة إن هذا الإجراء، قد يؤدي إلى فقدانه - على الأقل مؤقتا - وضعه المدني ويصبح هدفا صالحا للهجوم بموجب القانون الدولي، حيث يمكن القول إنه يشارك معلومات استخباراتية مفيدة مع جانب واحد.

وتقول المجلة إن الإشارات اللاسلكية التي تتواصل بها الطائرات التجارية مع وحدات التحكم الخاصة بها على الأرض سهلة الكشف نسبيا، ويظهر مقطع فيديو غير موثق أن طيارا بدون طيار يتعرض لهجوم بقنبلة بعد هبوط طائرته.

وتضيف إن الدقة التي تم ضرب الطيار بها "مشبوهة" وأن العديد من المراقبين اشتبهوا في أن إشارة الراديو من طائرة الطيار بدون طيار قادت مهاجميه مباشرة إليه.

معايير واضحة

وتؤكد المجلة أن أوكرانيا أثبتت أن العالم بحاجة إلى معايير ومبادئ توجيهية واضحة لاستخدام الطائرات الاستهلاكية بدون طيار وفقا للقانون الإنساني الدولي.

وتضيف أنه بعد أن بدأ داعش وغيره في تسليح الطائرات الاستهلاكية بدون طيار في السنوات التي تلت عام 2013، أطلقت الحكومات والجيوش والصناعات الخاصة اندفاعا عالميا محموما للبحث والاستثمار في تقنيات مكافحة الطائرات بدون طيار - وهو اندفاع كانت روسيا، في جزء كبير منه بسبب تورطها في سوريا، جزءا كبيرا منه.

ولم يتم تصميم الطائرات بدون طيار الاستهلاكية مثل منتجات DJI بشكل صريح للاستخدام العسكري، حيث تسارع الشركة إلى تذكير المستخدمين أنها ليست آمنة.

حرب إلكترونية

وأظهر قراصنة الإنترنت مرارا وتكرارا قدرتهم على السيطرة على الطائرات الصغيرة بدون طيار والوصول إلى المعلومات التي يجمعونها ويرسلونها إلى وحدات التحكم بحسب المجلة.

وفي حين أن معظم البلدان تحظر اكتشاف الطائرات بدون طيار عن طريق فك تشفير هذه البيانات، فمن المحتمل أن يمتلك الروس إمكانية الوصول إلى أجهزة الحرب الإلكترونية التي يمكنها العثور على مواقع طياري الطائرات بدون طيار.

وتقوم الشركات، مثل DJI التي تصنع الطائرات بتشفير تردداتها لمنع العثور على طياريها، لكنها أيضا تصنع منتجات متوافقة مع طائراتها يمكن ببعض الجهد جعلها "باحثات" عن ترددات الطائرات.

وتحتوي طائرات هذه الشركة على إشارات يمكن لأجهزة Aeroscope المثبتة فيها معرفة مكان الطيار والطائرة بدقة.

وطلب نائب رئيس الوزراء الأوكراني ميخايلو فيدروف من الشركة منع بيع منتجاتها لروسيا.

لكن الشركة الصينية ردت بأن "منتجاتها مصممة للاستخدام المدني" وأن الجهاز المثبت فيها "هو سبب آخر يجعل استخدامها في المهام العسكرية غير مناسب".

سياج جغرافي أمني

وتمارس شركات الطائرات بدون طيار الحديثة، مثل معظم شركات التكنولوجيا، سيطرة كبيرة على منتجاتها حتى بعد بيعها للعميل.

ويتم شحن جميع طائرات DJI بدون طيار إلى العميل باستخدام تقنية السياج الجغرافي، مما يعني أن الطائرة بدون طيار لن تعمل في بعض المناطق الحساسة حول العالم.

على سبيل المثال لن تعمل الطائرات في واشنطن العاصمة أو ميدان تيانانمين الصيني.

وخلال ذروة الصراع مع داعش في سوريا في عامي 2015 و 2016، وضعت DJI بهدوء سياجا جغرافيا على منتجاتها في تلك المنطقة.

وتقول المجلة إن العديد من المراقبين يتساءلون عما إذا كانت DJI ستضع سياجا جغرافيا لمنتجاتها في روسيا أو أوكرانيا.

وفي حين أخبرت DJI المسؤول الأوكراني أنها ستكون على استعداد لترتيب سياج جغرافي شامل فوق أوكرانيا بناء على طلب رسمي، أكدت الشركة أن السياج "سينطبق على جميع طائرات DJI بدون طيار في أوكرانيا"، وليس فقط تلك التي تطير بها القوات الروسية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...