الأحزاب في وضع حرج... وقلق بالغ قبل الانتخابات


 بديهي مع انتهاء المرحلة التحضيرية للانتخابات عبر حسم التحالفات وتركيب اللوائح، ان تضع الأطراف المتنافسة النصر حليفها في 15 أيار، الّا انّ نظرة واقعية في عمق المشهد الانتخابي تظهر انّ كلّ الأطراف من دون استثناء أي منها، في وضع حرج، وتصارع قلقاً جدّياً وخوفاً كبيراً من ان تُسقط صناديق الاقتراع، فيما لو فُتحت في 15 أيار، كلّ الشعارات التغييرية الكبيرة التي رفعتها على مدى السنتين الماضيتين، وتخيب الآمال التي علّقتها على استحقاق توعّدت ان تُحدث فيه انقلاباً جذرياً في الصورة النيابية والسياسية الراهنة.

وعلى ما هو واضح في عمق المشهد الانتخابي، فإنّ أزمة الأطراف الحزبية وعلى وجه الخصوص أصحاب الشعارات الكبيرة، أقلّ وطأة من أزمة القوى الحراكية التي صنّفت نفسها ثورية وتغييرية، فالأحزاب تبدو وكأنّها اعترفت بمبالغتها في رفع سقف الشعارات والطموحات، ولذلك نحت الى تجييش جمهورها، بذات الشعارات الكبرى، إنما لتحقيق هدف اقل تواضعاً، وهو المحافظة بأي ثمن، على نسبة التمثيل الحالية في مجلس النواب، علماً انّ بعضها اصطدم باحتمال ان يتراجع تمثيله عمّا كان عليه في المجلس النيابي الحالي، في ذلك بالتأكيد ضربة سياسية ومعنوية قاتلة، خصوصاً أمام الجمهور الذي جرى إيهامه يوماً بأنّ التغيير صار في متناول اليد.

وفي المقابل، يتبدّى تشتّت القوى المدنية الرافعة لواء التغيير، حيث وجدت هذه القوى نفسها في مواجهة مع احزاب ركبت موجتها منذ 17 تشرين الاول 2019، كما في مواجهة مع نفسها وفي تعدّد الرؤوس والتوجّهات فيها، وهو الأمر الذي حال دون تمكّنها من التوحّد ضمن لوائح «قوية»، أو لوائح مشتركة، قادرة على تحقيق بعض من وعودها التي قطعتها منذ 17 تشرين، وإحداث اختراقات تكسر الواقع القائم.


وإذا كانت الصورة الانتخابية تشي مسبقاً بتقدّم الأحزاب على القوى الحراكية، الّا انّ طريق هذه الاحزاب الى الانتخابات لا تبدو مزروعة بالورود، إذ انّ الخصم اللدود لها يوم الاستحقاق ليست اللوائح المنافسة لها، بل هي نسبة الاقتراع التي تؤشر كل الدراسات والاستطلاعات، انّها ستكون الأدنى في تاريخ الانتخابات النيابية التي شهدها لبنان. وبالتالي، فإنّ المعركة الحقيقية للأحزاب هي مع المزاج الشعبي الذي اعلن يأسه من الطبقة الحزبية والسياسية، وفي محاولة إقناع الناخب وجذبه الى صناديق الاقتراع، وخصوصاً انّ هذه الاحزاب تدرك انّه مع تدنّي نسبة المقترعين تبقى كل الاحتمالات واردة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...