التيّار الشيعي الثالث

 

منذ انتخاب العماد ميشال عـون رئيساً، تهيَّجَـتْ شهوةُ المراهنة على الإستنساخ الرئاسي... والمعادلة: أنَّ من صنـعَ هذا يصنع ذاك.

 

وبعد مضـيّ بضعة أشهر على افتتاح قصـر بعبدا، كان افتتاحٌ لمكتب التيار الوطني الحـر في بلدة «شعث» البقاعية، وفيه قال النائب جبران باسيل: «إنّنـا نطمح على أن نكون التيار الشيعي الثالث لـدى الطائفة الشيعية...(1)»

 

اللُّجـوء المسيحي إلى الشيعة ليس مستغرباً، فقد ذكَـر الشيخ سليمان الضاهر في كتابه: «جبل عامل في الحرب الكونية»، أنّ القـرى الشيعية آوَتْ المسيحيين اللاَّجئين والهاربين من الجندية وعاملتهم أفضل معاملة(2)».

 

إلاّ أنّ اللّجوء يختلف عن التشيُّع، وأنّ كلمة شيعـة تُطلقُ على كلّ مَـنْ رأى في الإمام علي إماماً وخليفةً للمسلمين.

 

ولكن... هـلْ يصـحّ أنْ يسمّي أحـدٌ تيَّـاره تيّـاراً شيعياً وهو يجهل كتاب نهـج البلاغة ولا يعرف شيئاً عن الإمام علي...؟

 

وكيف يستطيع أنْ ينافس ثنائّية الرئيس نبيه بـرّي، وهو لم يتعرّف إلى الإمام موسى الصدر...؟

 

ولا يكفي أنْ يفهم الشيعة من خلال «تفاهم مـار مخايل» بمجرّد أنْ يكون موقع مـار مخايل في منطقة الشياح في الضاحية.

 

مع أنّـه يعلم أنّ مَـنْ يشهرُ تشيّعَـهُ يُقْصيـهِ الدستور عن رئاسة الجمهورية وقد كتَبها للموارنة.

 

هذه «الحـوَّاء» التي إسمها رئاسة الجمهورية كلَّما اشتهَتْ تفَّاحـةً وقعتْ في الخطيئة.

 

منذ انطلاقة العهد العوني كان فـراقٌ قاطع بين النائبين: سليمان فرنجية وجبران باسيل، وطالما أعلن النائب فرنجية أنّـه سيلبّي أيَّ دعـوة يوجّهها إليه فخامة الرئيس عـون.

 

وفي خلال لقـاءٍ، - والمجالس بالأمانات - سألتُ أنـا، لماذا لا يُدعى النائب فرنجية إلى قصـر بعبدا بنـاءً على رغبته..؟ فكان الجواب: أنّـه ضـدّ جبران.

 

جبران كان دائماً عمود سمـاء بعبدا، إنْ هو حـرّك يديـهِ اعتراضاً هبَـط السقف.

 

واليوم، لأنّ الإستحقاق الرئاسي بـدأ يلـوِّح بالمناديل، كان لقاءُ الأضداد بين فرنجية وباسيل، والأمـرُ الذي قصَّـر عنـه القصْر تظلَّلتْهُ عباءةُ السيّـد، وإذا كانت جلائل الأمـور تحتاج إلى سيّـد، فلا نـرى أنّ السيّد يـؤيّد مرشحاً رئاسيّاً إلاَّ أنْ يكون سيداً.

 

من باب الإنتحار أنْ يقـع الإختيار على رئيسٍ من حلَبـةِ الصراع تشتـدُّ معـه منازعة الأطراف الآخرين ويستمر البلد منازعاً في سريـرِ الإحتضار.

 

يقول «بيار كورناي» الشاعر الفرنسي في مسرحية «السيّد»: «عندما يختفي الفرسان من الساحة لا تعود هناك معركة...»

 

لبنان، الذي دمَّرتـهُ معارك الفرسان، فرسان المبارزات العبثية، والشهوات الرئاسية، فإنَّ أقصى ما يحتاج اليوم إلى رئيس يلملـم غبار المعارك، لا إلى رئيسٍ يشكّل هو معركة.

 

الرئيس ميشال عـون خلال زيارته «الدَوْحة» في: (29/11/2021) قال لصحيفة «الرايـة» القطريـة: «على الرئيس المقبل أنْ تكون لديـه المؤهّلات التي تمكّنه من تولّـي المسؤولية الكبيرة، وأنْ يكون مصدرَ تـلاقٍ لا تفرقـة...»

 

فهلْ نتمنّـى على الرئيس عـون أن يحـدّد لنا إسم الرئيس الذي تنطبق عليه هذه المواصفات...؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...