تتسارع التطوّرات العسكرية على الجبهتين الشرقيّة والجنوبيّة في أوكرانيا، مع سعي الجيش الروسي إلى تحقيق مكاسب ميدانيّة سريعة بعد فشله الذريع على الجبهة الشماليّة في محاولته السابقة لاحتلال العاصمة كييف، كان آخرها اعتراف الجيش الأوكراني بتقدّم القوات الروسية مع سيطرتها على مواقع عدّة في منطقة خاركوف وفي دونباس، فيما حذّر وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في بيان من "أسابيع عصيبة للغاية" أمامنا، داعياً مواطنيه إلى "الصمود والوحدة"، بينما حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أي تدخل خارجي في الحرب ضدّ أوكرانيا، متوعّداً بردّ "سريع وصاعق".
وإذ شدّد "القيصر" الروسي على أن روسيا لن تتردّد في استخدام أحدث أسلحتها، أكد أن "كلّ القرارات في هذا الشأن اتخذت"، معتبراً أن "محاولات خنق روسيا اقتصادياً فشلت تماماً"، في وقت تحدّث فيه الجيش الروسي عن تدميره "كمّية كبيرة" من الأسلحة التي أرسلتها الولايات المتحدة ودول أوروبّية إلى كييف خلال ضربة صاروخية عالية الدقة أُطلقت من البحر على مصنع الألمنيوم في زابوريجيا بجنوب شرق أوكرانيا وبالتزامن، وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أوكرانيا بعدما زار روسيا، حيث يسعى إلى توسيع الدعم الإنساني وتأمين إجلاء المدنيين من مناطق النزاع ووقف إطلاق النار بين الطرفين.وفي الأثناء، اندلع حريق في مستودع للأسلحة في قرية ستارايا نيليدوفكا الروسية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، بحسب ما أفاد حاكم منطقة بيلغورود الروسية فياتشيسلاف غلادكوف، في حين أشار حاكما منطقتَيْ كورسك وفوروني المجاورتَيْن القريبتَيْن أيضاً من الحدود مع أوكرانيا إلى أن الدفاعات المضادة للطائرات عملت ليل الثلثاء - الأربعاء كما أفادت سلطات ترانسنيستريا، المنطقة الإنفصالية المولدافية المدعومة من موسكو والمحاذية لأوكرانيا، عن حصول إطلاق نار في اتجاه قرية كولباسنا التي تضمّ مستودع ذخيرة روسيّاً بعد تحليق لمسيّرات ليل الثلثاء.
وبعد تعليق "غازبروم" إمدادات الغاز الروسية إلى كلّ من بولندا وبلغاريا، أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لتعليق موسكو إمدادات الغاز إلى الكتلة التي تضمّ 27 بلداً وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين على "تويتر" أن "إعلان "غازبروم" مسعى آخر من روسيا لابتزازنا بالغاز. نحن مستعدّون لهذا السيناريو. نقوم بإعداد ردّ الاتحاد الأوروبي المنسّق"، مؤكدةً أنّه "يُمكن للأوروبّيين أن يثقوا في وقوفنا متكاتفين ومتضامنين مع الدول الأعضاء المتأثرة" بالخطوة.
كما كشفت أن "الدول الأعضاء وضعت خططاً طارئة لمثل هذا السيناريو وعملنا معهم بشكل منسّق وبالتضامن"، محذّرةً شركات الاستيراد الأوروبّية من أن تسديد فواتير الغاز الروسي بالروبل كما يُريد الكرملين، يُمثل انتهاكاً للعقوبات، فيما ستحصل بولندا وبلغاريا حاليّاً على الغاز من جيرانهما الأوروبّيين، بينما أوضح الكرملين أن وقف إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا على خلفية رفضهما الدفع بالروبل، هو ردّ على "خطوات غير ودّية" تجاه روسيا.
توازياً، حظرت موسكو دخول 287 نائباً بريطانيّاً إلى روسيا، ردّاً على عقوبات لندن التي استهدفت برلمانيين روساً. وأوضحت موسكو أن اللائحة تشمل نوّاباً قاموا بـ"الدور الأكثر فعالية" في فرض عقوبات ضدّ روسيا وساهموا في "هستيريا معاداة الروس"، بينما قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في البرلمان إنّ الذين أُدرجوا على لائحة العقوبات "يجب أن يعتبروا ذلك وسام فخر". كذلك، طردت الخارجية الروسية 3 ديبلوماسيين نروجيين ردّاً على خطوة مماثلة من أوسلو، فضلاً عن طردها 8 ديبلوماسيين يابانيين ردّاً أيضاً على خطوة مماثلة من طوكيو، في حين علّقت هيئة السياحة التابعة للأمم المتحدة عضوية روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا على أساس أنها انتهكت قوانينها.
وعلى صعيد آخر، أعلنت روسيا والولايات المتحدة أنهما أجرتا عملية تبادل بين سجينَيْن هما عنصر المارينز الأميركي السابق تريفور ريد والطيار الروسي كونستانتين ياروشنكو. وكشف الرئيس الأميركي جو بايدن أن المفاوضات تطلّبت "قرارات صعبة لا استخفّ بها"، فيما أوضحت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن عملية التبادل جاءت "نتيجة لمفاوضات طويلة". وذكر والد عنصر المارينز جوي ريد أن تريفور نُقِلَ هذا الأسبوع إلى سجن في موسكو، مشيراً إلى أن عملية التبادل حصلت على مدرج مطار في تركيا، وقال: "توقّفت الطائرة الأميركية بجانب الطائرة الروسية وتمّ إطلاق السجينَيْن بشكل متزامن على غرار ما يحصل في الأفلام".