التيار وعُقدة الصوت التفضيلي: كيف يُدَوزنها باسيل؟


 منذ اعلان المجلس النيابي التوصّل الى قانون جديد للانتخاب لخوض الاستحقاق عام 2018 وسيف الصوت التفضيلي مُصْلَت على رقاب المرشحين من مختلف الاحزاب والتوجهات، ومفاعيله داخل اللائحة مؤثرة الى حد يمكنها اسقاط المرشح الحزبي من قبل رفيقه المرشح على اللائحة خشية من سقوطه هو نفسه في حال لم يتقن لعبة توزيع الاصوات التفضيلية.

غالبية الاحزاب تمكّنت من التغلّب على الصوت التفضيلي وتعاملت معه على أنه مرض عضال يجب التعايش معه والانتصار عليه والا قد يطيح بطموح توسيع حجمها في المجلس. فحزب الله في الدورة الماضية، تمكّن من توزيع الاصوات بطريقة تُرضي الجميع كما فعلت حركة أمل وغالبية القوى فيما فعل الصوت التفضيلي فعله داخل الكتل المسيحية، وعانت القوى الحزبية في هذه البيئة من منافسة المرشحين ومحاولات إقصاء بعضهم البعض، ويُعتبر التيار الوطني الحر ابرز تلك القوى التي عانت من هذه "الآفة".

في استحقاق أيار المقبل نماذج كثيرة مرشحة على لوائح التيار يمكن أن يُقصي بعضها البعض إن لم تتدخل القيادة المركزية وتعمل على توزيع الاصوات بطريقة مُربحة، فاستحقاق الـ 2018 شهد فوضى في مجال توزيع الاصوات التفضيلية أفضى في عدد من الدوائر الى تراجع في أرقام النواب وخسارة بعضهم.
ففي منطقة جزين بات من المعروف أن النائب السابق أمل أبو زيد مطلوب على مستوى الدائرة الانتخابية، لاسيما وأن العودة عن قرار انسحابه من السباق الانتخابي جاءت بناء لطلب شخصي من الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وبالتالي فإنه من الصعب على باسيل الوقوف على الحياد في توزيع الاصوات التفضيلية في لائحة ينضوي فيها مرشحان للتيار هنا، وخشية من سيناريو اسقاط مرشح على حساب آخر، قد يدخل باسيل مباشرة على الخط لتوزيع الصوت التفضيلي بين زياد أسود وأمل ابو زيد الذي يمتلك قاعدة شعبية لا يُستهان بها وهو الأقرب الى عقل القيادة العونية التي تبحث في ظل المتغيرات عن مشاريع انتخابية لا خطابات شعبوية.وليس بعيدا من جزين ثمة منافسة حامية في دائرة المتن بين ثلاثي التيار "ابراهيم كنعان، ادي معلوف، والياس بو صعب". 

في هذه الحالة يخرج ابراهيم كنعان من دائرة المنافسة بحكم قوته الشعبية في المنطقة والتي تُمَكنه حكما من الحصول على المقعد الماروني في الدائرة، الا أن قرار باسيل مواجهة القوات اللبنانية بترشيح معلوف عن المقعد الكاثوليكي بوجه مرشح القوات ملحم رياشي يُصَعب المهمة. فالاصوات التفضيلية في هذه الحالة قد تذهب الى معلوف وتضع بو صعب في دائرة الخطر لصالح مرشح ارثوذكسي آخر، وإما أن تذهب تلك الاصوات الى بو صعب فيؤمن الربح السهل ويضمن المقعد الأرثوذكسي، كما يعرض كنعان لهروب الأصوات، اما توزيع الاصوات بين المرشحين فيُعد خطرا على الثلاثة لاسيما ان كان التصويت ضعيفا من جانب التيار.

وبالانتقال الى دائرة جبل لبنان الاولى أي كسروان جبيل، ففي هذه الدائرة تبدو مهمة توزيع الصوت التفضيلي شاقة ومعقدة بين مرشحي التيار في دائرة جبيل سيمون ابي رميا ووليد الخوري في حين تبدو المهمة سهلة في دائرة كسروان مع المرشحة ندى البستاني. يمتلك سيمون أبي رميا بطاقة التيار بعكس الخوري المرشح عن الدائرة بحكم قربه من التيار وكان مستشارا لرئيس الجمهورية للشؤون الصحية وبرز اسمه في ملف كورونا. في حكم المنطق تذهب أصوات التيار الى مرشح المؤسسة الحزبية أي أبي رميا، وهنا في حال قرر باسيل المضي بهذا القرار فقد يكون مبررا، فوليد الخوري الذي رفع شارة النصر في احتفال الفوروم قبل أيام الى جانب المحازبين الذين رفعوا شارة التيار، يراهن على وقوف باسيل على الحياد في الشأن المتعلق بتوزيع الصوت التفضيلي آملا بأن تعطيه هذه الخطوة إن حصلت، فرصة جدية للانقلاب على أبي رميا. ولكن خشية القيادة في ميرنا الشالوحي تكمن باستفادة خصوم التيار لاسيما النائب السابق فارس سعيد من هذا الصراع الخفي فيخرج إبن قرطبا منتصرا على حساب أبي رميا والخوري نتيجة اهمال عن قصد أو غير قصد من قبل قيادة التيار في حسم الصوت التفضيلي.أمّا في عكار فحدّث ولا حرج، فالصراع بين مُرَشَحَيْ التيار في المنطقة "أسعد درغام أرثوذكس- جيمي جبور ماروني" ليس وليدة اليوم بل هو نتاج منافسة تعود الى انتخابات الـ 2018، حيث لعب الصوت التفضيلي دورا سلبيا وعزّز فرضية أن نجاح المرشح الاول يعني سقوط الثاني والعكس صحيح. فجبور الذي حصل على رقم هو الاعلى في الشارع المسيحي في الدورة الماضية لم يتمكن من الوصول الى البرلمان لأن منافسه النائب هادي حبيش حصد الرقم الأعلى و"قطف" أصوات المسيحيين والسُنة، ليستفيد درغام من هذه النتيجة ويذهب الحاصل الذي فازت به لائحة التيار في الدورة الماضية الى مقعده. واليوم ونتيجة التحالفات في المنطقة تبرز المنافسة بين مُرَشَحَيْ التيار لكسب الصوت التفضيلي، لاسيما وأن مقعد درغام مهدد من قبل مرشح الحزب القومي الموجود على اللائحة نفسها، ففي حال انقسم الصوت التفضيلي في عكار بين جبور ودرغام وصب القومي أصواته لمرشحه عن المقعد الارثوذكسي في اللائحة نفسها شكيب عبود، عندها يمكن أن يفوزعبود على حساب درغام فيخسر التيار مقعدَين نتيجة الصوت التفضيلي المشتت في حال لم يتمكن التيار من الفوز بأكثر من حاصل.

يعمل رئيس التيار جبران باسيل اليوم على جبهات عدة ويواجه صعوبات كثيرة يسعى الى تذليلها للخروج بكتلة نيابية مماثلة لكتلته في العام 2018 أما رهان الفوز والخسارة فيعتمد على استراتيجية الرجل ودوزنته لصوت التيار التفضيلي ليبقى نعمة للمرشحين لا نقمة توقع نواب التيار في شباك المصالح الضيقة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...