ماذا عن توحيد سعر صرف الدولار؟!


 جاء في الديار:

أثبت ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء أن هذه السوق لم تمت، ولم يستطع التعميم 161 القضاء عليها وهذا ما يعيد إلى الذهن السؤال الجوهري: كيف للحكومة أن تعيد توحيد سعر الصرف كما تدّعي في خطة التعافي التي عممّتها؟

الجواب عن هذا السؤال ليس بأمر سهل، فإذا كان بمقدور الحكومة ومصرف لبنان توحيد أسعار الدولار للسحوبات النقدية ودولار الاستيراد، والدولار الجمركي، ودولار الضريبة على القيمة المضافة، ودولار القروض بالعملة الصعبة، ودولار الاتصالات... إلا أنها عاجزة عن القضاء على دولار السوق السوداء الذي سيبقى موجودًا لفترة طويلة.

هذا القول يأتي من منطلق أن الدولة اللبنانية تفتقر إلى كتلة نقدية بالعملة الصعبة كافية لتغطية حاجات الاقتصاد (إستيراد) وحاجات مالية الدولة (فيول، أجور موظفي الخارجية، إيجارات العقارات الديبلوماسية، الاشتراكات في المؤسسات الدولية، كلفة السفريات الرسمية...). وبالتالي، إذا استطاعت الحكومة ومصرف لبنان توحيد سعر الصرف الرسمي، إلا أن هناك استحالة تقنية لمحو السوق السوداء نظرًا إلى أن الدولار النقدي (الكاش) سيبقى سيد الموقف لفترة طويلة وذلك حتى لو وقّعت الحكومة اتفاقا مع صندوق النقد الدولي!التحاليل الاقتصادية، تشير إلى أن الحكومة اللبنانية تحتاج إلى فترة تتراوح بين سنة إلى سنتين للقضاء على السوق السوداء، تبدأ مع توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وبدء القيام بالإصلاحات وبالتحديد وبالحديث عن الإصلاحات، لا تشير الأجواء السياسية الحالية إلى إمكان توافق القوى السياسية على القيام بإصلاحات بعد الانتخابات النيابية نظرًا إلى أن الانقسام السياسي القائم بين القوى السياسية المرجّح وصولها إلى المجلس النيابي المقبل، ينسحب على المجال الإقتصادي والمالي، وبالتالي هناك استحالة للقيام بإصلاحات في المدى المنظور.

في هذا الوقت سيستمر الوضع المعيشي للمواطن بالتردّي في المرحلة المقبلة وستزداد وتيرة الصراع السياسي الذي قضى على القطاع المصرفي بشقيه المصارف ومصرف لبنان، وعلى القطاع القضائي. هذا التردّي سيرتبط مباشرة بسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء، مع عجز مصرف لبنان عن تأمين الدولارات، ومع بدء الحكومة الصرف من حقوق السحب الخاصة التي تلقتها من صندوق النقد الدولي في أيلول الماضي الجدير ذكره، أن صرف الحكومة من حقوق السحب الخاصة، يخالف روحية برنامج صندوق النقد الدولي والذي نص على استخدام هذه الأموال لدعم الاقتصاد في مواجهة جائحة كورونا ودعم القطاع الصحّي، فها هي الحكومة تستخدم هذه الأموال للإنفاق الجاري على الكهرباء خصوصًا السلفة (المشبوهة) لدعم مقدمي الخدمات في قطاع الكهرباء!! فماذا ستكون ردة فعل صندوق النقد الدولي على هذا الأمر؟ لا نعرف حتى الساعة كيف ينظر الصندوق الى هذه الممارسات من قبل الحكومة، إلا أن الأكيد أن هناك امتعاضًا من قبل الصندوق للمماطلة التي تمارسها القوى السياسية المشاركة في الحكومة. 

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...