هل من حلّ لإشكالية الحزب؟


 لم يُعمّر طويلاً ميثاق العام 1943 الذي ارتكز على معادلة «لا شرق ولا غرب»، فسقط جزئياً في العام 1958 قبل ان يسقط كلياً بعد اتفاقية القاهرة في العام 1969.

في الزمن الذي صيغ فيه الميثاق اللبناني كانت الخشية متبادلة بين المسيحيين والمسلمين من تدخُّل الدول الغربية لمصلحة الفريق الأول، وتدخُّل الدول العربية لمصلحة الفريق الثاني، أي في الزمن الذي كان الغرب يُرسل فيه جيوشه في سياق السياسة التوسعية التي كان يعتمدها، وفي زمن القوميات التي لا تقيم لحدود الدول وزنا وأهمية.


ولم يحصل الميثاق سوى بفعل الانكفاء الغربي والعربي في آن معا، وذلك على أثر أحداث دولية وإقليمية كبرى من الحربين العالمية الأولى والثانية، إلى انهيار السلطنة العثمانية ودخول العالم العربي والإسلامي في مرحلة انتقالية استدعت إعادة التموضع والتأقلُّم، وفي هذه اللحظة بالذات التي وجد فيها المسيحيون والمسلمون ان العالم انكفأ عنهم صاغوا ميثاقهم بسلام وهدوء، فاستقر الوضع قبل ان يعود ويهتز جزئيا مع صعود الرئيس جمال عبد الناصر ونجاح الرئيس فؤاد شهاب لاحقاً في ترسيخ الاستقرار بالشراكة مع الرئيس المصري، ومن ثمّ سقوط هذا الاستقرار نهائيا مع صعود الرئيس ياسر عرفات واتخاذه بيروت مقرا للثورة الفلسطينية.


ومع الخروج السياسي للعامل الفلسطيني تحوّل لبنان إلى ورقة بيد سوريا وبقي على هذا المنوال إلى ان خرجت من لبنان وسلمّت «الأمانة» إلى طهران، ولكن العبرة من مسار الأحداث منذ الاستقلال إلى انتهاء الحرب اللبنانية تكمن في الآتي:


أولاً، فقد المسيحي السند الغربي بسبب انكفاء هذا الغرب على أثر الحرب العالمية الثانية واهتمامه بشؤونه وأولوياته بعيدا عن المؤازرة العسكرية، واكتفائه ببيانات «لا تسمن ولا تغني عن جوع»، وانعكس هذا المنحى على واقعية مسيحية وأولوية للتفاهم مع الشريك على مساحة دولتية شكّل ركيزتها الأساسية منذ قيام الجمهورية إيمانا منه بأنّ الدولة هي المشترك الجامع لكل المكونات اللبنانية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...