أعلنت المدارس الخاصة الكبيرة، بوضوح، أنها لا تريد تلامذة من الطبقات المتوسطة في صفوفها، جاهرت بأقساطها المضخّمة للعام الدراسي المقبل والمسعّرة بالدولار لتهشيلهم، فيما رقابة الدولة الممثّلة بوزارة التربية هي المفتاح الأساسي الذي يعيدها إلى الواقع، وإلى كونها مدارس لبنانية وتتبع القوانين اللبنانية
بوقاحة، سعّرت إدارات المدارس الكبيرة الـ"brand" سلفاً أقساطها للعام الدراسي المقبل (2022 ـ 2023)، بما يتجاوز الـ 20 مليون ليرة لبنانية، إضافة إلى مبلغ مقطوع إلزامي بالدولار الأميركي يتجاوز 2000 دولار. تتصرّف هذه المدارس وكأنّها فوق أي قانون، لكون تحديد أي قسط مرتبطاً بإعداد موازنة تفنّد الإيرادات والمصاريف، و"الدولرة" مخالفة صريحة لكل التشريعات اللبنانية. تتجاوز المدارس واقع البلد والأزمة التي تعصف به والتضخم والخسارة التي حلّت بالمداخيل، وخصوصاً لمن يقبض بالليرة اللبنانية. ببساطة، هي مطمئنة إلى أن سقف المحاسبة، إنذار من وزير التربية وتحويل الملف إلى مجلس تحكيمي (قضاء) تربوي معطّل، أو بالحد الأقصى يمكن أن يصدر وزير التربية قراراً بتوقيف توقيع المدير ومن ثم يوضع القرار في الدرج، كما حصل مع مدرسة الشويفات الدولية (سابيس).
لا تتردّد هذه المدارس في مواجهة الأهل بعبارة "إذا ما عجبك فلّ" إذا صودف أن اعترضوا على زيادات غير منطقية وغير قانونية. تتسلّح بمجالس أمناء أعضاؤها سياسيون ومصرفيون للبطش بأهالٍ ليسوا بالضرورة من أولئك المتموّلين الذين يعملون في الخارج ويدفع بعضهم القسط من دون السؤال حتى عن قيمته. ثمة شريحة من الناس، متوسطة الحال، اختارت، في فترة من الفترات، تسجيل أولادها في هذه الفئة من المدارس بحثاً عن نوعية تعليم مميزة، وظناً منها أنها تستثمر في مستقبل أولادها، تأكل "الضرب" اليوم وتجد نفسها مرغمة على البحث عن خيارات بديلة، أي أنه يتوقع أن يكون هناك نزوح مرتقب إلى مدارس يكون فيها التعليم جيداً وأقل كلفة أعلنت المدارس الخاصة الكبيرة، بوضوح، أنها لا تريد تلامذة من الطبقات المتوسطة في صفوفها، جاهرت بأقساطها المضخّمة للعام الدراسي المقبل والمسعّرة بالدولار لتهشيلهم، فيما رقابة الدولة الممثّلة بوزارة التربية هي المفتاح الأساسي الذي يعيدها إلى الواقع، وإلى كونها مدارس لبنانية وتتبع القوانين اللبنانية
بوقاحة، سعّرت إدارات المدارس الكبيرة الـ"brand" سلفاً أقساطها للعام الدراسي المقبل (2022 ـ 2023)، بما يتجاوز الـ 20 مليون ليرة لبنانية، إضافة إلى مبلغ مقطوع إلزامي بالدولار الأميركي يتجاوز 2000 دولار. تتصرّف هذه المدارس وكأنّها فوق أي قانون، لكون تحديد أي قسط مرتبطاً بإعداد موازنة تفنّد الإيرادات والمصاريف، و"الدولرة" مخالفة صريحة لكل التشريعات اللبنانية تتجاوز المدارس واقع البلد والأزمة التي تعصف به والتضخم والخسارة التي حلّت بالمداخيل، وخصوصاً لمن يقبض بالليرة اللبنانية. ببساطة، هي مطمئنة إلى أن سقف المحاسبة، إنذار من وزير التربية وتحويل الملف إلى مجلس تحكيمي (قضاء) تربوي معطّل، أو بالحد الأقصى يمكن أن يصدر وزير التربية قراراً بتوقيف توقيع المدير ومن ثم يوضع القرار في الدرج، كما حصل مع مدرسة الشويفات الدولية (سابيس).
لا تتردّد هذه المدارس في مواجهة الأهل بعبارة "إذا ما عجبك فلّ" إذا صودف أن اعترضوا على زيادات غير منطقية وغير قانونية. تتسلّح بمجالس أمناء أعضاؤها سياسيون ومصرفيون للبطش بأهالٍ ليسوا بالضرورة من أولئك المتموّلين الذين يعملون في الخارج ويدفع بعضهم القسط من دون السؤال حتى عن قيمته. ثمة شريحة من الناس، متوسطة الحال، اختارت، في فترة من الفترات، تسجيل أولادها في هذه الفئة من المدارس بحثاً عن نوعية تعليم مميزة، وظناً منها أنها تستثمر في مستقبل أولادها، تأكل "الضرب" اليوم وتجد نفسها مرغمة على البحث عن خيارات بديلة، أي أنه يتوقع أن يكون هناك نزوح مرتقب إلى مدارس يكون فيها التعليم جيداً وأقل كلفة
النفقات التشغيلية
هناك فئة ثالثة من المدارس التي تتبع لجمعيات خيرية، كالمبرات مثلاً، لم تتجاوز فيها نسبة الزيادة على الأقساط الـ 40%، إذ اعتمدت برنامج كفالة التعليم، بحيث تجمع التبرعات من "المانحين"، أصدقاء الجمعية ومتخرّجين من مدارسها، وتوزّع لتغطية أقساط غير القادرين على الدفع، عبر عقد لقاءات مع كل ولي أمر لدراسة ظروفه على حدة، و"كان هناك اتباع لقاعدة "قرش أبيض لليوم الأسود" كما تقول مصادر إدارية، مشيرة إلى أن هذا الواقع لن يستمر طويلاً، إذا أبلغت الجمعية إدارات المدارس بأن تدبر أمورها بنفسها فتسد عجزها من علاقاتها. المدارس في الأطراف التابعة لجمعية المبرات تختلف أقساطها عن المركز، فالقسط بعد الزيادة لا يتجاوز في بعضها، الـ3 ملايين و750 ألف ليرة.
الفئة الرابعة هي المدارس شبه المجانية التي تحدد الدولة أقساطها التي توازي مرة ونصف مرة الحد الأدنى للأجور، إلا أن الأزمة وعدم دفع الدولة لمستحقاتها منذ 5 سنوات حولاها إلى مدارس منكوبة، وباتت أوضاع معلميها "تحت الأرض"، ما عدا منها ما هو مرتبط بجمعيات دينية أو مرجعيات سياسية. إلا أن مرسوم إنشاء هذه المدارس ربط حصولها على المساهمة المالية من الدولة بتوافر رقابة إدارية ومالية عليها تقوم بها وزارة التربية والتفتيش المركزي. التدقيق في البيانات الإحصائية يشوبه الكثير من «البرطيل» وتشابك المصالح، ما جعل عدداً كبيراً من المدارس يستفيد من أموال عمومية في مقابل نوعية تعليم سيئة، فضلاً عن فساد وتزوير في أعداد المستفيدين، ما يفرض المطالبة بتخصيص هذه الأموال لدعم التعليم الرسمي.في دراسة للبنك الدولي، تبيّن أن 50% من 82 ألف عائلة تحصل على بطاقة دعم من وزارة الشؤون الاجتماعية لن تكون قادرة على تسجيل أبنائها في المدارس الرسمية لعدم قدرتها على الإنفاق.
الأفق ليس واعداً. أهالي التلامذة في المدارس الخاصة فقدوا كلّ القدرة المادية على الدفع. استنفدوا احتياطاتهم في البنوك. حجم الكارثة كبير جداً، والإنفاق على التعليم يفوق كل الحسابات، ولا يبدو أن تأجيل الانفجار، بالمنح الفرنسية أو البابوية أو تلك التي تأتي من الجمعيات الدينية والأحزاب السياسية، سيطول، ما يفرض على الأهل البحث عن خيارات تعليمية بديلة تؤمن جودة تعليم وإنفاقاً مقبولاً. إلا أن التشريع يعرقل نشوء مبادرات مجتمعية وأهلية وتعليم منزلي من خلال إحكام السيطرة على الآليات التشريعية والقانونية، ودائماً لصالح المدارس الخاصة.
فاتن الحاج - الاخبار