المرأة عالمياً... النيوليبيرالية تدكّ حصون "الأنثوية"

 


يصادف اليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار من كل عام، ومرّ علينا يوم أمس بإحياء هذه المناسبة من خلال شعارات رنانة تمجّد المرأة وتطالب بحقوقها تكريساً للمساواة بينها وبين الرجل، وهو ما عكسته وسائل التواصل الاجتماعي بين التهاني والدعوات الى تحصين المرأة ومباركة دورها كفرد فاعل ومنتج 
ولكن، لماذا نحتاج الى يوم معيّن لذكر المرأة؟ لا بد ان المرأة والرجل عنصران متساويان يكملان بعضهما في كل أيام السنة.

ولأجل غرض المساواة، نشأت حركات نسوية عبر التاريخ حاولت محاربة الإستغلال، لكن على عكس ما قامت لأجله، تم استغلالها لتوطيد النظام الرأسمالي، فقد اختلفت بوصلة الحركة الأنثوية وباتت تعنى بنساء الطبقة الوسطى وركّزت اكثر على تحرّر الجسد وتمكين المرأة في مراكز العمل بهدف إحتلال مناصب كبرى تتساوى بالمناصب التي يتبوأها الرجال عادة، ومع ظهور العولمة، أكدت الحركة تهميش النساء الأكثر فقراً اللواتي اقتصرت رغباتهن على توفير حاجاتهن الاساسية فقط.

واللافت أيضاً، ان حركات التحرر الأنثوية كرّست معايير للجمال تقوم على الإستهلاك، وأصبحت كل إمرأة تسعى للجمال ما ابعدها عن ايجاد وسائل أخرى لتطوير ذاتها، فاستغلت قيم المجتمع الإستهلاكي القيم الاساسية للحركة النسوية لإخضاع المرأة لنوع آخر من الأعباء تتكبدها يومياً دون دراية.

وفسّرت النسوية علاقات الرجل والمرأة من منطلق القوة، فأصبحت مشاعر الحب بنظر بعض "النسويات" أداة لإستعباد المرأة وجرّدتها من قيمتها الإنسانية، لما للمشاعر من أهمية بإستمرار العلاقات الثنائية، واستمرار الجنس البشري
للأسف، إصطبغت الحركات النسوية بصبغة إقتصادية تخدم الحركات النيوليبيرالية وسلّمت النساء لخدمة سوق العمل، متجاهلة الفئات المهمشة الأولى بالرعاية بدءاً من النسوية السوداء ونسوية العالم الثالث.

ختاماً، نجحت النيوليبيرالية بدكّ الحركة النسوية، ولعل معاناة النساء ستزداد عبر الزمن، فلعل وعسى تعلم هذه الحركات الأنثوية يوماً ما ان الوعي لدى الرجل أو المرأة على حد سواء يتكرّس من خلال علاقة الفرد بوسائل الإنتاج.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...