المعارضة العونيّة تخلط الأوراق المسيحيّة؟


 كان انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية فوهة البركان الذي كان يغلي منذ سنوات وانفجر مُفصحاً عن خلاف عميق تراكمت أسبابه في محطات كثيرة بين فريق عوني "معارض" وبين رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل.

‎يومئذٍ لم تنجح محاولات المصالحة لأنّ الشرخ كبر كثيراً وامتدّت جذوره عميقاً بين الفريقين.

‎بعدذاك انفرطت جهود وتضافرت جهود بين عدد من المعارضين لباسيل. منهم من انكفأ ومنهم من هاجر ومنهم من ذهب ليؤسّس تجمّعاً سياسياً. هكذا وُلد "الخطّ التاريخي"، الذي ضمّ عدداً من "قدامى" التيار الوطني الحر، أبطال مرحلة النضال والتضحيات، قبل مرحلة السلطة والحكم. واستقطب هؤلاء "القدامى" شخصيّاتٍ من خارج هذه الدائرة.

‎لكن ظلّت المعارضة خجولة تارةً في الإعلام، وطوراً في سهراتٍ ولقاءاتٍ صغيرة. ولم يذهبوا يوماً إلى "حربٍ" أو "معركة" ليستعيدوا ما يعتبرون أنّه "نتيجة سنوات النضال".

اليوم يوجد استحقاق كبير هو الانتخابات النيابية. وباسيل تعرّض لحملات كبيرة من أطراف كثيرة. وبات هؤلاء في لحظة مؤاتية ليذهبوا إلى إعلان سياسي ومحاولة بناء كتلة نيابية. فإلى أيّ مدى هم جاهزون قبل شهرين من الاستحقاق الكبير؟نعيم عون البداية

بعض وجوه "الخطّ التاريخي" دعا منذ البداية إلى تشكيل جبهة تلتحق بها أو تنضمّ إليها المجموعات المعارضة التي انبثقت عن ثورة 17 تشرين، خصوصاً في "الشارع المسيحي"، إن لم نقل "الشارع العوني". غير أنّ ذلك لم يحصل. بل حضرت مجموعة الخطّ التاريخي مثلها مثل المجموعات المعارضة الأخرى.

‎نعيم عون هو واحد من أبرز الوجوه التي كانت إلى جانب ميشال عون. كيف لا وهو ابن أخيه، أبي نعيم. الرجل العتيق الذي يسكن وجدان العونيّة السياسية بكلّ تفاصيلها ومحطّاتها.

‎يقول نعيم عون، المعارض لسياسة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر معاً، إنّه ينظر إلى المشهد بواقعية كبيرة. ويعتبر أنّ السؤال الذي يُفترض أن يُطرح اليوم ليس "هل استطاع الخط التاريخي وراثة التيار الوطني الحر المتراجع؟"، بل "إلى أيّ مدى يستقطب هذا الخطّ المعارضين؟".

‎يقول لـ"أساس" إنّ الأهمّ بالنسبة إليه وإلى المجموعة التي ينتمي إليها هو وحدة صف المعارضة. ينتقد غياب طاولة مستديرة تتحاور حولها المجموعات المعارضة المنبثقة عن حراك 17 تشرين، واقتصار التلاقي على حوارات ثنائية لا تؤدّي الغرض المطلوب، وهو توحيد الجهود واللوائح في الدوائر لانتزاع أكبر عدد من الحواصل الانتخابية.جان عزيز وشربل نحاس...

بالنسبة إليه نحن في المئة متر الأخيرة قبل إعلان الترشيحات واللوائح والتحالفات. ويشير إلى أسماء في حال فوزها ستكون هي واجهة "الخط التاريخي"، وإن لم تنضمّ إليه مباشرة وعلناً ومسبقاً، ويسمّي: شربل نحاس، جان عزيز، جورج نادر، غسان مخيبر وغيرهم.....

أمّا الخط التاريخي فسيكون له مرشّحون في عدّة دوائر. أبرزها بعبدا حيث سيترشّح عن المقعد الماروني نعيم عون، وعن المقعد الشيعي رمزي كنج. ففي هذه الدائرة لا يزال النقاش دائراً حول المرشّحين وإمكانية اتفاق الكتلة الوطنية والكتائب وتوحيد الجهود في لائحة واحدة لأنّ انفصال اللوائح سيؤدّي إلى خطر عدم الحصول على حاصل.

‎طانيوس حبيقة هو المرشّح عن المقعد الماروني في المتن الشمالي. توفيق سلّوم عن المقعد الماروني في كسروان، ميشال دوشدرفيان عن مقعد الأرمن الكاثوليك في بيروت الأولى، وأنطوان نصرالله عن المقعد الأرثوذكسي في عاليه – الشوف.

في عاليه الشوف تحديداً يقول المعنيّون بالمعركة إنّه في العام 2018 لو توحّدت المعارضة في لائحة واحدة لكانت حصلت على حاصلين. ولذلك تنتظر بعض هذه الشخصيات جلاء مشهد التحالفات لتقرّر نهائياً ترشُّحها من عدمه.في المتن سعيٌ إلى تشكيل لائحة تضمّ بعض الشخصيات التي تتيح فرص الخرق. أمّا في كسروان فالمشهد يبدو أكثر تعقيداً، حيث المشكلة مع المرشّح الأقوى المحسوب على المعارضة، أي نعمة إفرام، الذي لا يسهّل تشكيل لائحة واحدة.

‎فهل يؤدّي تراجع شعبية التيار الوطني الحر إلى زيادة نسبة الاقتراع لمصلحة الخط التاريخي؟

‎هذا هو السؤال الذي لا تزال الإجابة عليه غير واضحة وسط الانقسامات وعدم الوضوح في الرؤية.

‎يعاني التيار الوطني الحر مشاكل داخلية كبيرة. في عاليه معارضة لترشيح الوزير السابق سيزار أبي خليل. وفي الشوف مجموعة ممتعضة من عدم ترشيح النائب ماريو عون مع أنّ نتائج الانتخابات الداخلية في التيار أتت لمصلحة غسان عطالله.

‎في بعبدا استقال النائب حكمت ديب من التيار الوطني الحر على خلفيّة تراكمات داخلية دفعته إلى الاستقالة.

‎في جزّين الإشكال كبير بين النائب زياد أسود والنائب السابق أمل أبو زيد.

‎هل تنعكس كلّ هذه المشاكل التي تعانيها مجموعات التيار إيجاباً على الخط التاريخي؟لا مؤشّرات إلى ذلك بعد، بانتظار جلاء صورة الترشيحات ونتائج المعركة.

‎كان البعض يأمل من الخط التاريخي أن يكون جبهة كبيرة متقدّمة في كلّ شيء. لكنّه اختار أن يكون أكثر واقعيّةً في السياسة وأن ينضوي في صفوف مجموعات المعارضة.

إذا استطاع 3 أو 5 أو 7 الوصول إلى ساحة النجمة بعنوان "الخطّ التاريخي"، فإنّهم سيشكّلون كتلة نيابية مسيحية تعيد خلط الأوراق بشكل كبير، بعيداً عن حسابات "القوات والعونيين" التاريخية، وبعيداً عن الكتائب وعن انتظارات المجموعات الثورية التي تستعدّ لانتزاع حواصل من الطرفين.

‎إذا نجحت المعارضة العونيّة فسيكون لهذا العنوان وقع مؤثّر في الأشهر القادمة.

جوزفين ديب- أساس 

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...