اللبنانيون في "صراع بقاء على قيد الحياة"... والسّاحة متروكة لأسيادها الجدد!


 اللبنانيون، وعلى ما يشهد كلّ العالم، في صراع بقاء على قيد الحياة، وسط دوّامة لا أفق لها؛ ينامون على أزمة ووجع، ويستيقظون على أزمة أخطر وأكثر وجعاً ودولاب الأزمات «يبرم» فيهم من سيئ إلى أسوأ، وأهل السلطة في قمّة الإسترخاء، منهمكون في اجتماعات تليها اجتماعات ولقاءات، ومشاورات، وتشكيل لجان، والنتيجة لا قرارات. 

وفي محاذاتها طاقم سياسي يقف على حافة الأزمة، معادٍ لبعضه البعض، أولويته الانتخابات، وجبهاته مفتوحة لتصفية الحسابات، وصراع مرير بين هذا الطرف أو ذاك، على مقعد نيابي «بالزايد» في هذه الدائرة الانتخابية او تلك.وامّا السّاحة فمتروكة لأسيادها الجدد: لصوص الأزمات، وتجّار التضليل والشائعات، والمستثمرون على آلام النّاس ومحترفو الإبتزاز بالاحتكار ورفع الاسعار.

غيّمت في أوكرانيا، ولكنّها أمطرت في لبنان، بلا أيّ سبب، حوّل «الأسياد الجدد» هذا البلد وكانّه يقع على الحدود الأوكرانيّة، وحياته مرتبطة بها، وأبوابه مشرّعة لتداعيات الحرب المشتعلة هناك. وتصريحات متعمّدة، تطلقها منصّات وأبواق خبيثة تنعق بالخراب من بعض المحطّات وعلى مواقع التّواصل الإجتماعي، وتزرع الهلع في نفوس النّاس، وتنذر بخطر كبير يتهدّد الأمن الغذائي في هذا البلد، وبشحّ في القمح، والمحروقات والدواء وكلّ الأساسيّات.

 

بكبسة زرّ، سكّر التّجار مستودعاتهم وصارت إرادة التحكّم والإحتكار فوق البلد والناس، وجنّت الأسعار واختفت الأساسيات الاستهلاكيّة من السّوق، وإنْ وجدت فبأسعار مضاعفة لا بل و»مُتربلة». وعادت طوابير الذلّ لتتجمّع من جديد أمام محطّات المحروقات، وصفيحة البنزين أو المازوت باتت تعادل راتب موظّف وتتحضّر للقفز الى الأعلى أكثر، ومعها تسعيرة «المولّدات» الحارقة، وقارورة الغاز حدث ولا حرج، واللبنانيون، ومع الحديث المتتالي بسبب ومن دون سبب، من هذا المسؤول أو ذاك، عن «أنّ احتياطي القمح كافٍ لفترة محدودة ونسعى لمصادر بديلة، شرط توفير الاعتمادات لشرائها»، موعودون بأنّه لن يطول الوقت وستتكوّن طوابير مماثلة أمام الأفران، مع التبشير برفع أسعار الخبز فكيف يمكن لمواطن أن يستمرّ ويصمد أمام كلّ هذه الأعباء؟


لقد بات الحديث عن رياح وتداعيات سلبية خارجية تتهدّد لبنان، نكتة سخيفة، ذلك أنّ الريّاح التي تهبّ على الداخل من الداخل، أصعب وأشدّ، بدليل الحرب الجارية على النّاس ولقمة عيشهم. 


فقبل الحديث عن رياح الخارج، ينبغي صدّ رياح الداخل التي تواصل عصفها أمام سلطة عيونها مفتّحة فقط، ولكنّها لا ترى ما حلّ بالبلد وأهله صحيح أنّ الأزمة عميقة ومشهود لهذه السّلطة ضعفها أمامها وعجزها عن ابتداع المخارج والحلول الموضوعية لها، لكن هذا لا يعفي هذه السلطة من ان تغادر قيلولتها السياسية المزمنة، والقيام بأدنى واجباتها، وتسخّر وزاراتها ومؤسساتها واداراتها لتوفير البدائل، وأجهزتها العسكرية والأمنيّة والقضائيّة لردع أمراء الحرب الجدد والاقتصاص منهم برفع الحمايات عنهم وزجّهم في السجون، وفكّ الطوق الذي يفرضونه على أساسيات عيش اللبنانيين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...