كلفة النقل باتت خيالية.. الطلاب يتوقّفون قسريًا عن الحضور إلى جامعاتهم


 كتبت حنى بزي في "الاخبار":

«لا حدود لمأساتنا» هكذا يعبّر هيثم بيضون، طالب الحقوق في الجامعة اللبنانية، عن معاناة انتقاله من مدينته بنت جبيل الجنوبية إلى حرم الجامعة اللبنانية في صيدا عبارة تختصر حجم الصعوبات التي يواجهها طلّاب يكافحون من أجل تحصيل شهادة تخوّلهم العيش بكرامة في وطنهم، أو تكون جواز سفر يخرجهم من جحيمه.

ينقل هيثم معاناة آلاف الطلاب القاطنين بعيداً عن جامعاتهم وخارج العاصمة بيروت. «التنقّل بين منطقة وأخرى معاناة لا يعرفها إلّا من يعيشها، وهي تبدأ قبل النزول إلى الجامعة بيوم». يشرح ساخراً «صار معي أرقام أصحاب فانات المنطقة كلها»، بما أنّه مضطر إلى التواصل مع أكثر من شخص منهم لينسّق بين وقته الحضوري في الجامعة ووقت انطلاقة الفان من البلدة وعودته إليها. ينتقل بعدها إلى الحديث عن تكلفة التنقّل «الخيالية، فهي تُراوح بين 160 إلى 200 ألف ليرة يومياً». 

ويلفت هيثم إلى مساهمة بلدية بنت جبيل بدفع نصف قيمة تكلفة النقل من خلال «مشروع النقل الطلّابي» وهو عبارة عن مساهمة البلدية «ولكن مع ارتفاع عدد الطلاب وانخفاض ميزانية هذا المشروع، اضطرت البلدية للبحث عن طرق أخرى للمساعدة مثل اعتماد هذا المشروع في فترة الامتحانات فقط أو اعتماد أساليب أخرى بعضها قيد الدراسة وبعضها الآخر جرى تنفيذه قبل دخول الجامعة في التوقّف القسري عن العمل».

حال كلوديا خليل، طالبة طب الأسنان ــ سنة رابعة في الجامعة اللبنانية لا يختلف. تأتي كلوديا من قرية عكار العتيقة شمالي لبنان إلى كليّتها في مجمّع الحدث كلّ يوم أحد لتعود إلى قريتها يوم الجمعة، بحكم إلزامية الحضور الذي يفرضه اختصاصها. تقضي أيامها في السّكن الجامعي الذي يفتقر إلى مقوّمات العيش تشرح مشقّة الانتقال من عكار إلى بيروت والعكس، إذ تستغرق مسافة الطريق بين ثلاث إلى أربع ساعات، أمّا تكلفة التنقّل فتختلف بحسب كيفيّته. 

«عند الانتقال من عكار إلى بيروت مباشرة بباص واحد تُراوح الكلفة بين 65 و85 ألف ليرة، بينما في حال انتقلت بشكل متقطّع إلى بيروت أي من عكار إلى حلبا ومن حلبا إلى طرابلس وثم من طرابلس إلى البربير في بيروت وأخيراً من البربير إلى الليلكي مجمع الحدث، فتصبح تكلفة التنقّل 125 ألف ليرة». إذاً، بحساب بسيط تتكلّف كلوديا أسبوعياً نحو 150 ألف ليرة إذا استطاعت القدوم بباص واحد إلى بيروت، و250 ألف ليرة في حال مرورها بعدة محطات، مشيرةً إلى أنّ كلفة مواصلاتها تفوق مصروفها الأسبوعي.

بدورها تعرض فاطمة شرف الدين، طالبة الصحافة في كلية الإعلام لكلفة التنقّل في الباص من بلدتها تمنين الفوقا في بعلبك إلى بيروت في أيام الحضور المحدّدة من الكلية: «لا تسعيرة ثابتة، دفعت خلال شهرين دفعات مختلفة تُراوح بين 40 إلى 80 ألف ليرة، أي أني تكلّفت في معدّل وسطي ما قيمته 140 ألف ليرة يومياً» أمّا «المعاناة الأكبر»، بحسب تعبيرها، تتمثّل بالوقت «بسبب ارتفاع أسعار المازوت والبنزين، ولأنّ الكثيرين حصروا مشاويرهم إلى بيروت بالضرورة القصوى، صار الفان يمضي وقتاً أطول في انتظار الركّاب وفي أكثر من محطة وبدل أن أصل خلال ساعة ونصف إلى منزلي أو إلى الجامعة، صار المشوار يستغرق نحو ساعتين ونصف من الوقت».

كلفة النّقل التي يتكبّدها الطلاّب المقيمون في الأطراف باتت خيالية

ولا يختلف وضع طلاب «اللبنانية» البعيدين عن جامعتهم عن سكان العاصمة بيروت، فكلّهم يعيشون المعاناة نفسها. حسين سمحات طالب ماستر1 في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال في مجمّع الحدث، واكب ارتفاع تعرفة النقل في بيروت في «فان رقم4، من الألف ليرة وصولاً إلى الـ15 ألف ليرة اليوم!». هذا عدا عن المصروف اليومي، فبعدما كانت العشرة آلاف ليرة تكفيه أجرة النّقل والفطور والقهوة، ارتفعت بنحو 500%، إذ إنّ أجرة النّقل وحدها تبلغ 30 ألف ليرة و«الكرواسون» 10 آلاف ليرة والقهوة كذلك، من دون أن ننسى حاجة الطالب إلى شراء المقرّرات المطبوعة التي ارتفع سعرها أيضاً.

في حال عادت الجامعة وفتحت أبوابها واستغنت عن التعليم عن بُعد، هل بمقدور الطلّاب الحضور يومياً لمتابعة دروسهم؟ أجمع الطلاب الأربعة على إجابة موحدة «لا». هم أيضاً متوقّفون قسريّاً عن الحضور.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...