"صفقةٌ مشبوهة" تُطبخ في كواليس وزارة الإقتصاد


 يعيشُ لبنان فترة إقتصادية "حساسة وصعبة" جدّاً نتجت بفعل أزمات وأحداث متلاحقة بدأت مع تدهور أسعار الصرف والتحديات التي تُواجهها العملة الوطنية معطوفة على "الفساد والهدر" الذي أفرغ خزينة الدولة على مدى عقود، ليأتي إنفجار الرابع من آب ليزيد من حجم التحديات الإقتصادية لا سيّما على صعيد شركات التأمين التي وجدت نفسها أمام أكبر كارثة حيث يقع عليها تسديد تأمينات بعشرات ملاين الدولارات.

ومن هذا الباب بالتحديد إستيقظت لجنة مراقبة هيئات الضمان في وزارة إمن سباتها العميق، لتتحفنا بسلسلة من التعاميم والقرارات والإرشادات الموجّهة إلى شركات الضمان كان آخرها حول تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (17)وما هو المعيار 17: "إن المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 17 "عقود التأمين" يُحدد مبادئ إثبات عقود التأمين وعرضها والإفصاح عنها، ويتمثل هدف هذا المعيار في ضمان قيام الشركة بتقديم المعلومات الملائمة التي تعبر بصدق عن تلك العقود وتوفر المعلومات لمستخدمي القوائم المالية الأساس اللازم لتقويم أثر عقود التأمين تلك على المركز المالي للشركة وأدائها وتدفقاتها النقدية.

وترغب شركات التأمين في الإستعانة بشركات إستشارية تُساعد تلك الشركات على التطبيق الأمثل للمعيار.

وأهم سِمات المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 17:

1. جمع بين القياس الحالي للتدفقات النقدية المستقبلية مع الاعتراف بالأرباح على مدار الفترة التي يتم فيها تقديم الخدمات بموجب العقد.
2. يعرض نتائج خدمة التأمين (بما في ذلك عرض إيرادات التأمين) بشكل منفصل عن إيرادات أو مصروفات تمويل التأمين.
3. يتطلب من المنشأة اتخاذ سياسة محاسبية لإختيار ما إذا كانت ستعترف بجميع إيرادات أو مصروفات تمويل التأمين في بيان الدخل أو الاعتراف ببعض تلك الإيرادات أو المصروفات في بيان الدخل الشامل الآخر.

أنّ تطبيق هذا المعيار بات ضرورياً حيثُ بادر عدد كبير من الدول ومنها دول عربية كثيرة بتطبيقه، فهو يُعزّز الشفافية والإفصاح في عرض البيانات المالية لشركات التأمين، أما في لبنان حيث الوضع إستثنائي بإمتياز فمن الجائز تأجيله لبعض الوقت في ظل صعوبات كثيرة تواجه شركات التأمين بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان مما يضع تطبيق هذا المعيار في أسفل أولويات التحديات التي تواجه هذا القطاع.

لكن اللافت مُسارعة وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام إلى نشر إستدراج عروض للإستعانة بخبراء محليين ودوليين في مجال الإشراف على تطبيق هذا المعيار لمساندة لجنة المراقبة في هذا المجال، وقد نُشر الإستدراج على موقع اللجنة الالكتروني وفي الجريدة الرسمية، وجاء فيه:" تدعو لجنة مراقبة هيئات الضمان الشركات المحلية و الدولية المتخصصة في متابعة تطبيق معيار الدولي رقم (17) و الراغبة بتقديم خدماتها في مراقبة مدى امتثال هيئات الضمان لتطبيق المعيار المذكور ضمن المراحل و المواعيد المحددة الى تقديم عرض بمغلف مغلق يودع مكتب وزير الإقتصاد و التجارة بمهلة أقصاها 15/3/2022".

هذا الإستدراج تشوبه 3 عيوب أساسية "فاقعة":

1) المُهلة القصيرة لتقديم العروض والتي تنصرم بتاريخ 18 آذار الحالي.
2) عدم وضع حدود مالية لإنفاق اللجنة على هذا العقد ما يفتح المجال واسعاً أمام الإستنساب خاصة أن كلفة الخدمات الاستشارية المطلوبة تقدم بالدولار النقدي الفريش وبمبالغ خيالية.
3) عدم وضوح آلية فض العروض واللجنة المشرفة على هذه العملية ما يطرح علامات استفهام حول مدى الشفافية في عملية استدراج العروض هذه.

ووفق هذه العيوب ترتسم عدة علامات إستفهام بينها لماذا لم يتم اللجوء إلى لجنة المناقصات في إستدراج العرض، غياب الرقابة من الجهات المعنية على هذا الإستدراج، ولماذا أخذ الوزير على عاتقه هذا الموضوع ؟ أم أنّ العرض مفصّل على قياس شركة معينة كما افادت معلومات مسربة حول الصفقة والتي تقول أنّ العقد مع هذه الشركة يقارب المليون دولار فرش، في وقت يعرف الوزير المختص بـ "الشأن الإقتصادي" أنّ الخزينة باتت بحكم "المرهقة" إن لم نقل "المفلسة" ؟

لذلك مهما تغيَّرت وجوه الوزراء على مدى العقود فإنّ النهج يبقى ساري المفعول لحساب المحسوبيات والصفقات المشبوهة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...