انتخابات 2022... أمراء وأصنام!


 دخل لبنان إلى الشهرين الأخيرين المفصليَّين ما قبل الاستحقاق الانتخابي، حيث بدا الجميع غير مرتاح لما سيحصل فيها تحضيراً وترشيحاً، فمعظم الاحزاب والشخصيات، مستقلة كانت أم سياسية، تجد صعوبة بالغة في تشكيل لوائحها إن لناحية استكمال اللوائح أو لناحية تسمية المرشحين.

لكل حزب في كل منطقة مرشح قوي وفي أغلب المناطق بخاصة المسيحية لا يستطيع أي حزب أن يتخطّى الحاصل أو الحاصلَين إلّا إذا تحالف مع فريق سياسي آخر أو شخصية سياسية وازنة، فيعمد بذلك الى ترشيح "أصنام" أو "أشباح" مرشحين على لوائحه لاستكمال ثلثَي اللائحة الإلزامي واستجلاب المزيد من الاصوات بمعدّل يتراوح ما بين 75 و 500 صوتاً عن كل مرشح.

للوهلة الأولى، تبدو الانتخابات بأنها تسير بانتظام، ولكن عند التدقيق في اللوائح تراها متعثّرة ينقصها المزيد من النجوم لتصبح أكثر واقعية، وكأنني أمام مشهد انتخابات إفرادية يترشّح من ضمنها أفراد إنما يمثّلون أحزاب.

لم تستطع الاحزاب بغالبيتها حتّى الساعة من حشد مرشحيها على لوائح نهائية وهي لا تزال تبحث عن مرشحين محتملين قادرين على ملء فراغات هذه اللوائح، فمثلاً في بيروت الاولى يسعى كل من القوات، التيار الوطني الحر والمجتمع المدني لإيجاد مرشح ماروني "مجهول"، اختفى بفعل التاريخ والجغرافيا وربما بسبب وفاة مسعود الاشقر، وبالتالي فإن معظم الجهد الذي يسعى لإيجاد هذا المرشح باء بالفشل حتّى الساعة، وكذلك اللوائح الخمس المتصارعة في كسروان غير قادرة على ملء فراغاتها وجميع مشكّلي اللوائح أحزاباً أو مستقلّين يحاولون تأمين مرشحين هم في عداد مجهولي الاسماء وأماكن الإقامة ومعروفي المذهب ومكان القيد!

لعلّها سخرية القدر أن نصل الى زمن تعلن فيه الماكينات الدعائية لبعض الاحزاب انها ستفوز بعدد من المقاعد، بينما هي غير قادرة حتى الساعة على ترشيح ثلث هذا العدد الى الانتخابات المرتقبة، ولعلّها سخرية القدر أيضاً أن نأتي بمرشحين خلال ربع الساعة الاخير نضمّهم الى لوائح على أشكال "أصنام" استكمالاً للعدد والمقاعد، بهدف خدمة زعيم اللائحة وانتصاراً للفريق السياسي الذي لا يمثّل إلّا الحق بحسب وجهة نظرهم.

"خلص العرس وتفرّقوا العشاق"، انتهت انتخابات 2018 المبهمة، وأتى 17 تشرين 2019، ووقع انفجار المرفأ 2020، ليتفرّق عشاق اللوائح ويستقلّوا بلوائحهم وليعبروا رحلة الألف ميل في تأليف لوائح ستتفرّق هي الأخرى صبيحة اليوم الثاني للانتخابات، فيفوز من يفوز وتسقط "الأصنام" التي لعبت دور الحصان الذي جرّ العربة وأوصل الراكب الأساسي الى مبتغاه.

انتخابات 2009 حصلت لأن جميع الاطراف كان يعتقد انه سيفوز فيها، أمّا انتخابات 2022 فالكلّ يخشى الخسارة، فلماذا ستجرى الانتخابات؟ وهل من حاجة داخلية لإجرائها؟ وهل يكفي الإصرار الخارجي ليشكل ضمانة لحصولها؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...