الـ"fresh" يتمدّد في المدارس الخاصة... لجان الأهل تطلب دعماً خارجياً


 نفضت وزارة التربية يدها من الاقساط في المدارس الخاصة، ونجحت بوضع الأهالي وإدارات المدارس في معركة يدفع ثمنها التلامذة، في بلد تُسحَق فيه كل يوم الطبقة الوسطى التي تُعد شريان الحياة الثقافية والفكرية في المجتمعات عبر التاريخ.ما يحصل في لبنان اليوم، يستحضر مفاهيم أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث "إميل دوركايم" الذي تحدث عن حالة الضياع وفق ما يطلق عليه مفهوم "الأنومي" Anomie، الذي يرمز إلى حالة من الفوضى والتصدُّع الأخلاقي والانهيار المعياري في المجتمع. 

وبعيداً عن ما يتحدث عنه دوركايم في كتابه "التربية الأخلاقية"، حيث تعهد الدولة إلى المدرسة بنقل المعارف والمعلومات إلى الأجيال المتعاقبة وتنشئهم على مبدأ المواطنة، تغيب الدولة اللبنانية عن هذا الدور وتشارك بطريقة مباشرة في هذه الفوضى، حيث يشكو استاذ الجامعة والمدير العام والطبيب والمهندس و... من ضياع المفهوم الاجتماعي المتصل بمراكزهم، نتيجة الاستهتار الذي تمارسه الدولة على هذه الطبقات ودعمها بطريقة غير مباشرة لطبقات اجتماعية تفرزها الازمات.

ما يحصل في المدارس الخاصة في لبنان جريمة موصوفة بحق هذه الصروح. فالدولة التي أهملت القطاع الرسمي على مدى عقود واستثمر فيه السياسيون والاحزاب بتوظيفات عشوائية لأساتذة يعاني قسم كبير منهم من ضعف في الكفاءة التعليمية، أعطت في المقابل القطاع الخاص كل الدعم وتمكنت المدارس الخاصة على مدى عقود من المحافظة على المستوى التربوي في لبنان، ونجحت بتخريج آلاف الطلاب المتفوقين الذين تمكنوا من رفع اسم لبنان عالياً في المحافل الدولية.

في الاسابيع الاخيرة بدأت الشكاوى من قبل الاهالي الذي أعربوا عن امتعاضهم من الرسائل النصية التي تصلهم عبر الهاتف من إدارة مدارس أولادهم، تطلب منهم دفع جزء من القسط هذه السنة بالدولار الاميركي، يُضاف الى القسط الذي طلبته المدرسة بالليرة اللبنانية، وهذا الامر لم يكن في جوهر الاتفاق بين الطرفين في بداية السنة الدراسية. حصل ذلك مع اهالي تلامذة مدرسة لويس فيغمان في المتن الشمالي حيث تبين أن الادارة طلبت تسديد القسط بالدولار الى جانب الليرة اللبنانية. 

اما المبلغ المطلوب بالدولار فقد وصل الى حدود الـ 2600 دولار بالإضافة الى 45 مليون ليرة لبنانية مدارس أُخرى اعتمدت هذا التدبير في المتن أيضاً، الا أن رئيس اتحاد لجان الاهل في منطقة جبيل كسروان رفيق فخري، أكد   أن طلب القسط المدرسي بالدولار الفريش مخالف للقانون رقم 515\96، وبالتالي فإن هذه المبادرة ولدت ميتة في منطقة كسروان - جبيل، بعكس المتن، حيث لفت الى أن عدداً قليلاً من مدارس هذه المنطقة اعتمد وبالتوافق مع لجان الاهل مبدأ الدفع بالدولار الفريش لأسباب تتعلق بحسب فخري بالمحافظة على المستوى التعليمي للمدرسة في ظل الازمة المالية.

برأي فخري لا يرتبط حل مسألة الاقساط في المدارس الخاصة بالـ "الفريش دولار" فقط، والذي يُعد بالأساس مخالفاً للقانون، بل ثمة حل آخر أكثر فعالية ومستدام ويراعي ظروف الاهالي، ويتعلق بالمساعدات الخارجية الواجب توافرها لاستمرارية المدارس في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي قضى على الطبقة الوسطى.

طرح فخري ينطلق من شريك رابع للمدرسة، فإضافة الى الشركاء الثلاثة "أساتذة، أهالي وادارة مدرسة"، ثمة جهات مانحة يجب أن تدخل كشريك رابع في ادارة الازمة عبر تمويل المدارس الخاصة بصورة مباشرة ويحذر فخري من سقوط القطاع التربوي نتيجة انعدام قدرة الدولة على تمويله، لافتاً الى أن المطلوب من السفارات في الخارج والقناصل ورجال اعمال لبنانيين التحرك لتأمين المبالغ المالية المطلوبة لهذا القطاع وتمويل ادارة المدرسة بشكل مباشر من دون العودة الى وزارة التربية أو المؤسسات التابعة للدولة لتمكين هذا القطاع من النهوض، ودعم الطبقة الوسطى، التي تشكل حوالى الثمانين في المئة من المدارس الخاصة، من الاستمرار بتعليم أولادها وبأقساط مدروسة تُراعي الظرف الاقتصادي، وفي المقابل تُعطي الاستاذ حقه المادي والمعنوي ليستمر في أداء رسالته التعليمية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...