ككافة الدوائر، تتحضر عكار، الدائرة السنيّة الاكبر من حيث المساحة الجغرافية وعدد القرى، للاستحقاق الانتخابي، الا ان ما يميّز هذه الدائرة هو التخبّط الحاصل بين الحلفاء السابقين والحلفاء الجدد من ناحية، ومن ناحية أخرى الضياع والترقب لما ستكون عليه الأمور بعد اعلان سعد الحريري عزوفه عن خوض الإنتخابات وتعليق العمل السياسي لتياره.
في ظل الظروف المعيشية الصعبة، التي يعيشها اهالي المنطقة والتي لم يشهدوا لها مثيلاً منذ الحرب يشعر الأهالي أن منطقتهم متروكة لقدرها بغياب أي راعٍ او مرجعية سياسية تخولهم رفع الصوت لمطالبهم، مع العلم ان اكثرية النواب الحاليين الذين أصبحوا بلا مرجعية حزبية (أعني هنا نواب تيار المستقبل) يعملون على ايصال صوتهم حيث يجب ان يصل.
في السياق، ولمعرفة ما ستؤول اليه الامور، هناك عدة عوامل يجب التوقف عندها، ومنها ان نواب تيار المستقبل سيترشحون للانتخابات قاطعين الطريق امام كل من يعتبرونهم مقتنصي الفرص محاولين المحافظة على تمثيلهم ولو بدون غطاء او دعم سياسي، مستفيدين من العلاقات التي بنوها مع ناخبيهم منذ سنوات، ويبقى السؤال: هل سيتجاوب الناخب السنّي معهم ام سيسعى الى ممثل جديد يستطيع تلبية مطالبه والوقوف الى جانبه في هذه الظروف الاستثنائية؟
الجميع في هذه الدائرة، كما في كل الدوائر التي فيها صوت سنّي مرجح، يتطلع الى ما ستكون عليه مواقف بهاء الحريري وكيفية خوضه للانتخابات، وبحسب ما يذكر في أحاديثه انه لن يتحالف مع أحد من القيادات السياسية الحالية.
ماذا سيكون موقف الناخب السنّي من بهاء الحريري، خصوصاً أنه بأمس الحاجة الى زعيم سياسي يعتمد عليه؟
بالرغم انه لا وجود لوجوه سياسية جديدة معروفة ممن يمكن ان يرشحهم بهاء الحريري، هل سيكرر الاسلوب الذي مارسه والده الشهيد رفيق الحريري يوم اطاح بكل القيادات السياسية السنية التقليدية مرشحاً مكانها وجوه جديدة اصبحت فيما بعد زعامات في مناطقها؟هل سيتفاعل الشارع السني في عكار اليوم مع بهاء كما تفاعل سابقا مع والده؟
وعليه، أصبح مؤكداً ان القيادات السنيّة الحالية ستخوض معركة اثبات وجود وابعاد شبح بهاء عن مناطقهم، اما بالنسبة للناخب السنّي إذا اراد المقارنة بين سعد وبهاء يصل الى النتيجة نفسها، وهي ان بهاء كما سعد هو ابن رفيق الحريري ويمتلك التوجه السياسي عينه، ولديه القدرة على مساعدة من هو بحاجة بفارق واحد وهو الطريقة التي تعاطى بها سعد مع جمهوره الذي عشقه.
اما عن سلوك الناخب العكاري، فاستكمال نهج رفيق الحريري سيكون المعيار الاقوى لتحديد الزعامة السنيّة لاحقاً.
وفي التحالفات المرتقبة: شكل الصوت السنّي في انتخابات 2018، 76% من المقترعين في عكار حيث حصل تيار المستقبل على 60% من الاصوات السنيّة، بينما شكل الصوت المسيحي 19% فقط، حصد منها مرشحو التيار 10500 صوت مسيحي، ومرشح القوات على 4500 صوت مسيحي، وهادي حبيش على 4000 صوت مسيحي.
تحالف التيار في 2018 مع الجماعة الاسلامية ومع رجل الاعمال محمد يحيى مكّنه من الفوز بمقعدين اثنين.
بحسب المطلعين، لن تتحالف الجماعة الاسلامية مع التيار الوطني الحر، انما سيكون تحالف التيار مع الحزب القومي ومع المرشح العلوي من الحزب العربي الديمقراطي، وهذا من منطلق الدعم الذي سيقدمه حزب الله الى حليفه في كل الدوائر التي لديه ناخبين مؤثرين فيها، مما يسمح للائحة بالفوز بمقعدين: مقعد للتيار ومقعد لمرشح الحزب العلوي لم يستطع المجتمع المدني في 2018 تسجيل اي ارقام تستوجب التوقف عندها، اما اليوم وبعد النشاط الذي اظهره ثوار عكار في 17 تشرين وما تلتها من تجمعات شبابية من كل الطوائف شكّلت مجموعات يتوجب أخذها بالإعتبار، حيث يعمل العميد جورج نادر وآخرين على جمعها ضمن لائحة إنتخابية واحدة، وفي حال نجحوا بتوحيد اللوائح سيكون للائحة "القوة التغييرية" مقعد في الندوة البرلمانية.
استطاعت القوات اللبنانية بتحالفها مع تيار المستقبل من الفوز بمقعد نيابي، بينما لم تستطع اللائحة المدعومة من اللواء أشرف ريفي من تأمين الحاصل الإنتخابي. اما تحالف القوات - المستقبل لم يعد جائزاَ بعد الخلافات والسجالات التي سادت في الآونة الأخيرة لذا لم يبقَ للقوات حتى الساعة سوى التحالف مع أشرف ريفي محاولين معاً جذب عدد أكبر من السياديين ومن الحريريين الممتعضين ليستطيعوا الحصول على مقعد نيابي.
مهما كانت الترشيحات واللوائح، ففي هذا الوضع المعيشي الصعب سيواجه مرشحو عكار ما سيواجهه كل المرشحين في الدوائر البعيدة عن العاصمة، والتحدي يكمن في إنتقال الناخبين من مكان اقامتهم خارج الدائرة الى مكان اقتراعهم، اذ يقطن حوالي 50 بالمئة من الناخبين في قرى عكار السنيّة خارج المحافظة، وكذلك الامر بالنسبة لأكثر من 65% من ناخبي القرى المسيحية.
بعملية حسابية بسيطة، تكلّف الناخب المتجه بسيارته للإقتراع يرافقه شخصان اَخران مع وجبة طعام واحدة بسيطة لكل شخص حوالي المليون ليرة لبنانية، ما سيشكل عاملاً اساسياً بتدني أصوات المقترعين في هذه الدائرة وبانتظار ما سيحدثه دخول بهاء الحريري الساحة الإنتخابية وبإنتظار تجاوب أو عدم تجاوب مقترعي المستقبل معه، ستبقى الدائرة مدار جدل وشد حبال، فهل ستكون العوامل التي ذكرت سابقاَ سبباً ليحل بهاء بدل سعد على قاعدة "مصائب قوم عند قوم فوائد"؟
نظرة على نتائج إنتخابات 2018
اقترع 136947 من أصل 293071 ناخباً، بمعدل 46.73% بلغ الحاصل الإنتخابي الأول 19059 وبلغ الحاصل الثاني بعد إلغاء نتائج اللوائح الخاسرة 15960.
حصلت لائحة "المستقبل لعكار" على 76452 صوتاً وفازت بـ 5 مقاعد. كما حصلت لائحة عكار القوية على 34430 صوتاً وفازت بمقعدين إثنين.
كما انه لم تصل الى الحاصل الإنتخابي كل من: لائحة تحالف "القومي - فرنجية - العربي الديمقراطي"، ولائحتان للمجتمع المدني، واللائحة المدعومة من اللواء أشرف ريفي.