الأميركيون في عكار: هذه الأرض لنا

 


في الحادي عشر من نيسان الماضي، حطّت السفيرة الاميركية دوروثي شيا في عكار من دون أي ضجة أو أخبار مسبقة عن موعد الزيارة، حيث جالت على القرى الحدودية قبل أن تلتقي رئيس بلدية منيارة أنطون عبود "المحسوب على سورية" وتلتقط معه بالصدفة "كما روج الرجل" صورة في حديقة البلدة.

الصورة التي نشرتها السفيرة الاميركية مع الرجل تعكس اهتمام الاميركيين بمنطقة عكار ذات الموقع الاستراتيجي الذي تحتاجه الولايات المتحدة وحلفاؤها، فهذه المنطقة تتداخل بشكل كبير مع سورية، حيث يتم رصد المعابر غير الشرعية بالعين المجردة، ومنها ينشط تهريب السلع والاشخاص عبر المعابر المنتشرة من وادي خالد الى أكروم وصولاً الى الرويمة والهرمل داخل الحدود البقاعية، حتى أن بعض التقارير الامنية تشير الى تهريب عناصر من داعش ومنظمات ارهابية من سورية الى لبنان أو العكس، وخير دليل على هذا الواقع كشف الخلية الداعشية في وادي خالد وتمكن الجيش اللبناني من تصفيتها قبل سنتين، هذا بالإضافة الى أهمية المرتفعات الجبلية المشرفة على الداخل السوري، حيث يمكن رصد الساحل السوري ومحافظة حمص في الجهة المقابلة في آن معاً "جبل القموعة".

اضافة الى تمددها الجغرافي وتداخلها مع سورية، ترتبط أهمية محافظة عكار بالنسبة للاميركيين بواقع حزب الله المتواجد في اقصى البقاع الشمالي، حيث تشرف بعض المناطق في عكار كـ "كرم شباط " على مواقع عسكرية للحزب ويرصد مواطنون تحركات مشبوهة في القرى البقاعية المتاخمة لمناطقهم، تنشط فيها طرق التهريب.

بالنسبة للاميركيين لا يمكن فصل الواقع الجغرافي عن الواقع السياسي في المنطقة، فأي خلل في الثانية يُصيب الأولى، وبالتالي فإن انسحاب تيار المستقبل عن المشهد وتشرذم الصوت السُني يعطي الطرف الآخر افضلية الفوز في الانتخابات ونظراً لأهمية الصوت السُني في المنطقة والذي يرجح كفة الفوز، كان لا بد من قرار اميركي سريع يقضي بضرورة التدخل مباشرة على الساحة العكارية، بدأ قبل سنوات بتمويل مشاريع تنموية لعدد من القرى، ويُستأنف اليوم بتحريك الماكينات الانتخابية للمرشحين المفترضين للانتخابات.

لائحة متكاملة يعمل عليها الجانب الاميركي في عكار، بعد أن وجد في الحرك الشعبي المنبثق عن 17 تشرين "فقاعة" لا أكثر، وبعد ان رصد بحسب الاستطلاعات قدرة فريق نواب المستقبل على هزيمة خصمه من تيار وطني حر، وقوميين وبعثيين ومناصرين للنظام في سورية هذا الفريق الذي يُعول عليه الاميركيون هو نفسه الذي شكل لائحة المستقبل في المنطقة عام 2018، وعلى رأسه النواب وليد البعريني هادي حبيش ومحمد سليمان، حيث التقى وفد اميركي النواب الثلاثة اضافة الى النائب طارق المرعبي وكان بحث في المستقبل السياسي لهؤلاء النواب وقرارهم النهائي المتصل بالمشاركة في الاستحقاق النيابي المقبل، حيث عُلِمَ أن الاتجاه هو المشاركة وتأليف لائحة مستقلة تواجه الطرف الآخر.يسعى الاميركيون الى انتخابات "نظيفة" في عكار، تعزز حضور القوى الحليفة، وثمة معطيات تشير الى أن القوات اللبنانية قد تخوض الانتخابات بمرشح في الدائرة، ولكنها تنتظر بلورة التحالفات وترطيب الاجواء مع الشارع السُني نتيجة الهجوم الذي تتعرض له معراب، ويدخل الاميركيون مع السعوديين على الخط منعاً لأي خرق قد يتيح للطرف الآخر الفوز في المعركة.

بالنسبة للاميركيين لا وقت للخلافات السياسية ذات الطابع الشخصي، فالأولوية اليوم في مكان آخر والهدف اجراء انتخابات نيابية تفوز بها القوى المؤيدة للخط الغربي والمعادية لإيران، فكلام نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن حصول الحزب من جديد على الاكثرية النيابية المقبلة، يدفع بواشنطن الى الضغط على حلفائها في الداخل والخارج لوحدة الصف وتذهب بإصرارها الى الحدود القصوى، ولو تطلب الأمر اتصالاً هاتفياً بين الحريري وجعجع أو زيارة الأخير لدار الفتوى لشرح ملابسات ما يحصل مع الطائفة السُنية والاعتذار ان تطلب الأمر.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...