أوقفوا الصرف على كهرباء لا تأتي

 


لو سألنا إبن عشر سنوات عن السبب الرئيسي لأزمة 
لبنان الإقتصادية سيكون جوابه واضحًا وصريحًا ومن دون تردّد أو تلعثم: الهدر في الكهرباء فإذا كان أطفال لبنان يعرفون الجواب، وهم المسروقة منهم أحلامهم وطفولتهم والمحرومون من نعمة النور خلال الليل فيضطرّون للدرس على ضوء الشمعة، بعدما أصبحت البدائل الأخرى غير متوافرة في ظل إرتفاع بدل الإشتراك بالمولدات، فكم بالأحرى أولئك الذين يعرفون كل شاردة وواردة في هذا القطاع.

قد يكون اللبنانيون الوحيدين من بين شعوب العالم الذين لا ينعمون بالكهرباء، التي أصبحت أكثر من ضرورية في حياة الإنسان، وهي أهمّ إكتشاف للإنسانية، لأن الطاقة بكل تفرعاتها ساهمت في تطوير الحياة بكل أشكالها الأزمة عندنا في لبنان ليست جديدة، وعمرها قد يكون من "عمر الخبز" وأن ينسى اللبنانيون فلن ينسوا حتمًا "مصباح الناطور"، يوم كان القصف العشوائي بين المناطق هو السائد، فأرتبط إسم المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان في ذاك الحين مع إسم تجّار الشموع وقناديل الكاز و"اللوكس"، إذ لم تكن "موضة" المولدات البديلة رائجة يومها. 

ومنذ ذاك التاريخ ولبنان يعاني من أزمة كهرباء، خصوصًا أن بعض الذين تعاقبوا على إدارة هذا القطاع، من وزراء ومديرين عامين إعتبروه "دجاجة تبيض ذهبًا" ومعروف من هم المستفيدون القدامى والجدد، بإستثناء قلّة من الوزراء الذين سعوا إلى إخراج هذا القطاع من "مغارة علي بابا" فكان مصيرهم معروفًا، من دون الدخول في الأسماء فالتاريخ معروف مهما حاول المزورّون تشويهه  ومنذ تاريخ الـ 24 ساعة كهرباء على 24 واللبنانيون ينامون على أحلام الوعود فلا الوعود تحققّت ولا الأحلام أصبحت حقيقة وحدها الكهرباء لم تتغيّر ووحده الهدر بقي يلاحق اللبنانيين في مراكمة ديونهم.  

الذين يفهمون في هذا القطاع يقولون أن قيمة ما صُرف على الكهرباء منذ بدء أزمة الدين العام، وهي تقارب نحو 40 مليار دولار، كان يمكن أن يموّل بناء عشرات المعامل في مختلف المناطق اللبنانية، وبطرق حديثة تعتمد على الطاقة النظيفة المعتمدة في مختلف دول العالم فلو لم يكن الذين تعاقبوا على إدارة هذا القطاع والإشراف عليه كوزراء وصاية يعتبرونه "منجمًا" يجب الإستفادة من "خيراته" قدر المستطاع لمراكمة الثروات، لكان الوضع على غير ما هو عليه اليوم، ولكان في إستطاعة لبنان تصدير الكهرباء إلى دول الجوار بدلًا من إستجراره من الأردن عبر سوريا. 

ولم يكن في حاجة إلى البواخر، التي يعتبرها البعض ضربًا من ضروب "الهدر المقونن" بعد كل هذا الهدر جاء من يقول: كفى هدرًا وكفى سلفات وكفى إستنزافًا للمال العام. وكفى "تشاطرًا" وتحايلًا على القوانين وكفى إفقارا للبنانيين  وكفى إستغلالًا لموارد الدولة، على قلّتها. 

لا سلفات من بعد اليوم من ضمن الموازنات هذا ما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بكل جرأة وبكل مسؤولية قالها ولم يمشِ وليتحمّل الجميع مسؤولياتهم التاريخية أمام محكمة الشعب، التي ستصدر حكمها المبرم في 15 أيار المقبل وأضاف أن الحكومة تريد خطة واحدة متكاملة للكهرباء ولن توافق على أي سلفات. وشدّد  على ان الكهرباء يجب أن تكون إما "كل الوقت أو ما تكون". 

البدائل موجودة، ولكن مع هذه البدائل تبطل موضة "لحس الأصابع". فهل من يقبل أن يُقفل "باب رزقه" بطيبة خاطر؟ 

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...