إيران و"ميليشياتها الأذربيجانية"... ما علاقة مرفأ بيروت؟


 بعد أذرعتها: "فاطميون" في أفغانستان، و"زينبيّون" في باكستان، وميليشيا "الحشد الشعبي" في العراق، و"الحوثيون" في اليمن، و"الجهاديون" في قطاع غزة، وحزب الله في لبنان، أظهرت إيران إلى العلن في أذربيجان ميليشياتها "حسينيون"، بقيادة الأذري توحيد إبراهيم بيغلي، الذي سبق أن أعلن أنّ قاسم سليماني (الذي اغتيل قبل عامين) هو من أنشأها. 

ما يدلّ على أنّ نوايا الحرس الثوري الدفينة كانت منذ زمن تخطّط بشكل متعمِّد لزعزعة أمن أذربيجان.لجوء إيران إلى التصعيد في القوقاز ناتج عن خوف من نوع آخر: احتمال تعرّضها لحصار قد يمنعها من مدّ نفوذها وتقديم العون لأدواتها في منطقة الشرق الأوسط. إذ يكمن خوفها في أنّها لن تستطيع إيصال اللوازم الأساسية والمعدّات الضرورية والأسلحة على أنواعها إلى ذراعها الأساسيّة: حزب الله في لبنان.

يخشى نظام طهران تعطّل الملاحة في الخليج وإقفال مضيق هرمز وما يمكن أن يلحق بمرافئ إيران الجنوبية من دمار أو حرائق أو حصار، ولا سيّما إذا اشتدّ الحصار البحري على شواطئ إيران (مثلاً إقفال باب المندب وعجز السفن عن الوصول إلى البحر الأحمر واجتياز قناة السويس نحو شرقي البحر المتوسط) لذلك يصوّب نظام طهران نحو الشمال ويريد استمرار حريّة تحرّك قطاراته وشاحناته وعملائه نحو جورجيا، وتحديداً إلى مرفأيْ باتومي وبوتي على البحر الأسود.

ما علاقة تفجير مرفأ بيروت؟

لتوضيح الصورة أكثر: على سبيل المثال، فإنّ انفجار بيروت، الذي تقاطعت معظم التقارير العربية والغربية على أنّ لحزب الله، ومن ورائه النظام الإيراني، دوراً فيه ومسؤوليةً عنه، هو في الحقيقة مرتبطٌ بمرفأ باتومي في جورجيا فقد انطلقت باخرة الموت "روسوس" من هذا المرفأ محمّلةً بـ2750 طنّاً من نيترات الأمونيوم، بعد تزوير أوراقها ومستنداتها، واختيار قبطان الباخرة وبحّارتها، وإرسالها إلى مقصدها النهائي بيروت لمساعدة النظام السوري على قصف المدنيين السوريين بالبراميل المتفجّرة، وصناعة صواريخ حزب الله من هذه المادّة، وحفر الأنفاق في لبنان السؤال الذي يحضر في أذهان المتشكّكين أو المدافعين عن حزب الله بوجه هذه الحقائق: لماذا ستفعل إيران ذلك عبر رحلة طويلة كهذه؟

الجواب سبق أن فسّره كثيرون، مطوّلاً: لأنّ إمدادات النظام الإيراني تأثّرت برّاً عبر العراق وسوريا بالغارات الإسرائيلية، وبحراً نتيجة الحصار والتفتيش البحري.

إذن يتعلّق أحد أهمّ جوانب الصراع في القوقاز باستمرار الخطّ البرّي بين إيران ومرافئ جورجيا على البحر الأسود، لكي يستمرّ تدفّق السلاح إلى حزب الله. وها إنّ زلزال بيروت في آب 2020 يجسّد نتيجة من النتائج الكارثية لسلاح إيران وحزب الله. وفي المقال التالي تفاصيل أوفى عن علاقة حزب الله بتخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت (يتبع)

نظرة على الخريطة

لتوضيح الصورة الجغرافية أكثر، فإنّ القوقاز يشهد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي صراعات حدوديّة وقومية وإثنية واقتصادية تنعكس على إيران، الجارة الجنوبية لدولتيْ أرمينيا وأذربيجان وإقليم نخاتشيفان الأذري.
نخاتشيفان بعيد عن أراضي الدولة الأمّ (أذربيجان) ويقع جنوب غرب أرمينيا على الحدود الشرقية الجنوبية لتركيا  لذا فهو يشبه، جغرافياً، إقليم ناغورني كاراباخ الأرمني، المتداخل مع الأراضي الأذرية بعيداً عن أراضي أرمينيا (الأم).

تسعى أذربيجان، بدعم من تركيا، وسنداً إلى اتفاق وقف النار الذي رعته روسيا بين باكو (عاصمة أذربيجان) ويريفان (عاصمة كاراباخ) منذ أكثر من عام، إلى فتح ممرّ جنوبي أرمينيا، يربط إقليم نخاتشيفان من الناحية الغربية بالأراضي الأذرية الواقعة شرق أرمينيا، ويمتدّ على الضفّة الشمالية لنهر أراس بموازاة الحدود الشمالية لإيران يعارض النظام الإيراني وجود هذا الممرّ، معتبراً أنّه تعديل صارخ للحدود، لأنّه يفصل بينها وبين أرمينيا ويقطع الصلة بينها وبين عمق القوقاز، وتحديداً مع دولة جورجيا الجارة الشمالية لأرمينيا والمطلّة على البحر الأسود، إلى حيث تصدّر إيران بضائعها من طهران إلى مرفأيْ بوتي وباتومي التابعين لها. 

للتذكير: من باتومي انطلقت باخرة الموت "روسوس" لتنفجر حمولتها في مرفأ بيروت مساء 4 آب 2020.

يستغلّ جهاز الاستخبارات الإيراني ضعف حكومة جورجيا المركزية ومعاناة هذا البلد بسبب صراعات حدودية وإثنية (في ملفّ أبخازيا) والخلافات العميقة بين الموالاة والمعارضة حول التناوب على السلطة وقد استطاع أعضاء من هذا الجهاز، بلباس رجال الأعمال الإيرانيين، أن يسيطروا على شوارع وتجارات محدّدة في تبليسي (عاصمة جورجيا)، بينها على سبيل المثال لا الحصر تجارة العملات.

مدخل أوروبا وآسيا الوسطى

تشكّل منطقة القوقاز ومحيط بحر قزوين مدخلاً حسّاساً لإيران إلى كلّ من أوروبا غرباً، وآسيا الوسطى شرقاً. فهي ممرّ أساسي للغاز والنفط، سواء باتجاه الصين شرقاً أو نحو أوروبا غرباً وتعتبر إيران أنّ نهر أراس يفصل اصطناعيّاً ما بين الأذاريّين، شمال النهر وأشقّائهم الموجودين داخل حدودها، الذين يشكّلون حوالي ربع السكّان، ويعانون من الاضطهاد.

لا يخشى النظام الإيراني الشعور القومي الأذري. فالحرس الثوري بأدواته القمعية جاهز للمواجهة وإخماد الثورات مهما توسّعت ولا يخاف نظام الملالي على ثروات الشعب الطبيعية، فهو يبذّرها بأسعار تصل إلى أقلّ من 75% من الأسعار العالمية (ناقلات النفط إلى سوريا وحزب الله وفنزويلا) ولا يأبه ملالي طهران كثيراً لأرمن يريفان أو لأرمن ناغورني كاراباخ ولا تحتاط طهران من تركيا لأنّهما على تفاهم متين مشترك حول سوريا وحول خط أنابيب تبريز – أنقرة.تعلم طهران أنّ موسكو لن تدع حرباً تنشب في حديقتها الخلفيّة تعرِّض حلفاءها في القوقاز أو آسيا الوسطى للاضطراب. وقد أعدّ الحرس الثوري العُدّة لزعزعة أمن أذربيجان عبر ميليشياتها "حسينيون" ودائماً الهدف النهائي هو استمرار وصول السلاح إلى أدواتها في المنطقة، من سوريا إلى حزب الله في لبنان وربما غزّة وغيرها.

بديع يونس - اساس ميديا

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...