قيادة قوى الأمن الداخلي التي أخذت على «الأخبار» (ليس واضحاً بدقة ما إذا كان البيان صادراً عن شعبة المعلومات نفسها) «عدم الحسّ بالمسؤولية خصوصاً قبل الانتهاء من التحقيقات»، فقد أصرت - أيضاً من دون تدقيق مهني - على أنه «لا صحة لوجود أي خرق لدى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أو أي توقيف لضابط أو عنصر في هذه الشعبة، أو في أي جهاز أمني أو عسكري آخر». وختمت بيانها بالغمز من قناة «حزب الله» في إشارتها إلى أنه «يبدو أن كاتب المقال على علمٍ أكثر منّا بأن هناك تورّطاً لشخص تابع لأحد الأحزاب تمّ توقيفه من قبلهم».
وانتشرت معلومات أمس عن مداهمات في مناطق عدة وتوقيف عدد من المشتبه فيهم، إلا أن الجهات المعنية رفضت تأكيد المعطيات أو نفيها.
وفي السياق نفسه، علمت «الأخبار» أن أحد الذين أوقفهم فرع المعلومات أنهى تخصصه كـ «حلونجي» في مدينة صور قبل أن يتقدم بطلبات عمل في الخارج، فبادر أحد المشغّلين الإسرائيليين إلى التواصل معه ووعده بعقد عمل في أوروبا، مقابل أن يساعد في تصوير مبان سكنية في مدينة صور، من بينها محل حلويات شهير، إضافة إلى شقق سكنية أصر المشغلون على محاولة تصويرها من الداخل والخارج كما تبين أن موقوفاً آخر من مواليد عام 1966، من بلدة المنصف في قضاء جبيل، تعاون مع موقوف آخر من عائلة بقاعية، في خلية أدارها مشغّل واحد عرّف عن نفسه باسم عبدالله قاسم وقد عمد الموقوفان إلى تصوير عشرات النقاط والمباني السكنية في صور وصيدا وطرابلس وبيروت وكسروان، وطُلب منهما جمع كل ما يمكن تأمينه من معلومات عن إحدى المعارك التي خاضها الجيش الإسرائيلي في مدينة صور وخسر فيها ثلاثة جنود.
أما أبرز الموقوفين فهو مؤسس ومدير إحدى أكبر شركات توزيع الرسائل النصية بكميات ضخمة إلى هواتف اللبنانيين، مع كل ما يتضمنه ذلك من تخزين لأرقام الهواتف والـ«داتا» وهو متحدر من عائلة كانت تربطها علاقات سابقاً مع ميليشيات العميل أنطوان لحد إبان الاحتلال الإسرائيليّ لجنوب لبنان واللافت أن المقربين من مدير الشركة أكدوا أنه لم يكن يوماً مؤيداً لأي من الأحزاب إذ يحتم عليه عمله التعاون مع أكبر عدد ممكن من السياسيين ورجال الأعمال.
ومن بين الموقوفين شاب من بلدة حملايا المجاورة لبكفيا، في المتن الشمالي، وقد لجأت عائلته إلى ابن البلدة البطريرك الماروني بشارة الراعي طالبة التدخل لمعرفة سبب توقيفه والعمل على إطلاقه. كما تولى مقرّب من الراعي الاتصال بالجهات الأمنية لمعرفة التفاصيل الخاصة بموقوف آخر من أبرز الناشطين في جمعيات المجتمع المدني في قضاء كسروان.والملاحظ أن أعمار المشتبه فيهم هذه المرة صغيرة مقارنة بعمليات التجنيد السابقة، مع تركيز المشغّلين على وسائل التواصل الاجتماعي لاصطياد العملاء. وتؤكد المعلومات أن غالبية المشغلين لهذه الخلايا يعملون من بلدان في أوروبا الشرقية وخصوصاً بلغاريا.
ضغوطات المرجعيات الدينية والسياسية، وحتى الأمنية، على فرع المعلومات بلغت ذروتها صباح أمس، في ظل تفرد «الفرع» بقيادة المواجهة ضد هذه المجموعات من دون أي مواكبة، سواء من بقية الأجهزة الأمنية اللبنانية، أو من جهاز أمن المقاومة في حزب الله الذي كان يبادر عادة إلى إعلام الأجهزة الأمنية بالاشتباه بشبكات للعملاء عادة، فيما كان الفرع هو المبادر هذه المرة، من دون التوقف عند أي حسابات سياسية، كعادته حين يتعلق الأمر بالمواجهة الأمنية مع إسرائيل.
وقد حول فرع المعلومات أكثر من ثمانية ملفات أمس إلى مدعي عام التمييز غسان عويدات الذي دقّق فيها وقرّر تحويلها إلى المحكمة العسكرية للادعاء عليهم. واللافت أن كل ملف يشمل محضراً لمدعى عليه واحد فقط، إذ تتألف كل شبكة من عنصر واحد فقط، باستثناء محضر واحد سجل فيه شخصان بحكم إدارتهما من مشغل واحد وتشمل المحاضر الاستجواب المباشر فقط حتى الآن، إذ لم تتم بعد مداهمة المنازل والاستحصال على الهواتف الذكية والكومبيوترات والسيارات الخاصة بالموقوفين للتوسع في التحقيقات أكثر.
وفي السياق نفسه، علمت «الأخبار» أن التحقيقات لا تقتصر فقط على نشاط العدو الخاص بحزب الله والملفات أو الأماكن التي تخصه، بل تشمل أيضاً المخيمات الفلسطينية. وتبين أن العدو يركز على متابعة لصيقة داخل المخيمات لكل نشاط يخص فصائل المقاومة، ولا سيما حركة «حماس» التي أبلغت قيادتها في لبنان بوجوب التحوط، وبادرت هذه الأخيرة إلى التواصل مع المعنيين بالملف، وبادرت إلى خطوات لتعزيز عناصر الحماية والحيطة، خصوصاً بعد التفجير الذي وقع في مخيم البرج الشمالي في 11 كانون الأول الماضي، وأدى إلى استشهاد المهندس إبراهيم شاهين وهو من عناصر الحركة، والذي تدور شكوك حول أسبابه وما إذا كانت للعدو الإسرائيلي علاقة به.