عن مشروع تطيير "الحزب" للإنتخابات


 إذاً بات افتتاح صناديق الإقتراع على مرمى حجر، وبالتالي يُتوقّع أن تشهد "منطقة الإنتخابات" المتنازع عليها غلياناً غير مسبوق، ويزيده مستوى انتشار القوى السياسية على الصفيح الساخن ومحاولتها "وأد محاولات التغيير" المعبّر عنها من خلال دهم هذه القوى ورعاتها للمشهد الإنتخابي، في ظلّ ذلك كله يصبع التناحر الإنتخابي ذا قيمة مضافة.

خلال الأيام الماضية خرجت من مكان ما "خبرية" تقول أن "حزب الله"، يخطّط مع حليفه "التيّار الوطني الحرّ" للإطاحة بالإستحقاق الإنتخابي البعض ذهب إلى نسب الإتهام إلى معراب فيما آخرون وضعوا السفارة الأميركية في رأس قائمة الإتهام، بدليل خروج ممثّلتها تردّ على اتهامٍ "غير شائع" عملياً ولم يأتِ سوى عبر وسائل إعلام.

تبريرُ اتهام الحزب طبعاً ينسحب على خشيةٍ مزعومة من فقدان الأكثرية على المستوى النيابي، ولذلك -–حسب أنباء مذهب الإتهام- يؤهّله -بحكم قوته- إلى نسف الإستحقاق عن بكرة أبيه.

لكن المتابعات الميدانية ومن خلف الغُرف توحي بالعكس، فالحزب "نشّط بطاريات" صواريخه الإنتخابية، ووسّع من دائرة النقاشات داخل الغرف وخارجها، وأطلق صليات ماكينته الإنتخابية ووزّعها على المناطق، والمندوبون بدأوا في رصد واستطلاع الحالة الشعبية ومناقشة وجهاء في القرى حيال التوجهات الإنتخابية المقبلة، وقد أنهى الحزب دراسةً إنتخابية قبل مدة تحاكي المزاج الشعبي ليس فقط في المناطق ذات الثقل الشيعي وإنما كانت عابرة لحدود الطوائف، توصل إلى خلاصات مهمة تخدمه في توجيهات الماكينة. وللعلم، تعدّ ماكينة "حزب الله" الإنتخابية من أدقّ الماكينات الموجودة وأكثرها نشاطاً.

إذاً الحزب يُجهّز إنتخابياً وبقوة، والعالم بشؤونه وليس المجادل دوماً بالأصل، يعلم مدى حرص الحزب على إحاطة الدورة الإنتخابية المقبلة بهامشٍ واسع من الأهمية، ولعلّه سيقف سدّاً منيعاً أمام من يعرقل سريان مفاعيلها، ولو امتلك معلومات حيال حليف يخطط للوأد، فعلى الأكيد سيقف في وجهه! ومردّ الحزب إلى كلّ ذلك ودرجة اهتمامه بالإنتخابات، لعلّها نابعة من اهتمام الآخرين بها هذا الآخر يعمل على اتهام الحزب بمحاولة تطيير الإنتخابات في المقابل تظهر نماذج بأن الآخر حتى الآن ليس له مصلحة بإمرار الإستحقاق على الشكل الذي هو فيه، نتيجة عدم اكتمال الصورة الإنتخابية بالنسبة إليه، ولعلّ من أكبر الأسباب، اعتقاده بعدم كفاءة "التغييرييين" الذين يحتاجون إلى "فتّ خبز"، لذلك يجد الحزب أن اتهامه بمحاولة تطيير الإستحقاق تأتي لتظليل عملية مشابهة تتمّ من جانب آخر، وبالتالي هو معنيّ بنسف المحاولة و التركيز على توكيد مواعيد العملية الإنتخابية و إنجاز الفحوصات اللازمة بشأنها.

من جانبٍ آخر يصبح الإستحقاق ذات أهمية لكونه، إلى جانب أنه استحقاق إنتخابي – إنمائي، له صبغة سياسية كحال كل أمرٍ في لبنان، ومن زاوية البرامج، بات واضحاً أن البعض أقحم "سلاح المقاومة" في المشاريع الإنتخابية ويبحث عن استفتاء على هذا المطلب، وبالتالي يصبح الحزب حريصاً في المقابل على "الإستفتاء"، وعطفاً على العلامة الإنتخابية التي سينالها، سيأتي الجواب إذاً القضية مصيرية، والحزب يحتاج إلى هذا الظرف من أجل ردّ الهجمات عليه بـ"طريقة ديمقراطية".

لكن ماذا عن الحلفاء؟ عملياً يخوض الحزب مشروعاً لتقريب النظر بين هؤلاء. صحيح أنه ما زال من المبكر الحديث عن "تفاهمات إنتخابية صريحة"، لكن ما تمّ التوصل إليه حتى الآن، هو اتفاق "على الأسس" وبهذا المعنى لا بدّ أن يكون حلفاء الحزب المتخاصمون في الدوائر الأساسية سوياً، تبقى العلّة الوحيدة في طبيعة العلاقة ما بين "التيار الوطني الحر" و تيار "المردة" العصيّة عن الحل، و على الأرجح سيذهب الطرفان إلى تناحر إنتخابي في الدوائر المسيحية الأساسية الممثلين فيها.

قد يقول البعض أن مردود هذا التناحر خاصةً والتشابك الإنتخابي عامةً بين أكثر من حليف للحزب سيعود عليه بالضرر، والبعض عاد ليطرح نظرية أن الحزب كان يمتلك 71 مقعداً نيابياً، والتي أُخرجت عن أصل ما ورد حرفياً من النصّ الذي أُدخلت عليه "فذلكات ترجمة" فأخرجته عن سياقه بهذا المعنى، يكفي الحزب أن يقفل الساحة الشيعية ويؤمّن مردوداً مهماً لدى الساحات السنّية والدرزية و المسيحية، وهذا يكفي، وبطبيعة الحال فإن شرعية الحزب يكتسبها أصلاً من بيئته الأساسية الحاضنة، عملاً بمبدأ "الطوائفي" ضمن الدولة!

في جانبٍ آخر، وإن تمّ إخفاء الحيثيات، لكن المعركة تدور في مكانٍ آخر. وبينما الحزب يعمل على تصفير الإشتباكات والخلافات داخل بنتيه السياسية، تدور المعارك على الجانب الآخر. فالخطّ التقليدي يحظى باشتباكٍ قواتي – مستقبلي تجري المحاولات لوأده من دون نتيجة، وعلى جانب "القوى التغييرية" المعبّر عنها بالمجموعات الناشئة عن 17 تشرين، يدور الهرج و المرج، وفي دوائر كالشوف مثلاً أو بعبدا أو حتى جبيل، يجري التناحر على المكشوف ما يُفقد قوة هؤلاء ويشتّتها هذا الجانب، أوحى للجهات الغربية الراعية لهؤلاء لتبديل تكتيكاتها، بحيث تجنح عن الدعم الكلّي و الخالص لمجموعات، وتنحو باتجاه خلق "تركيبات هجينة" عبارة عن عمليات تنقيح للمجتمع المدني لخوض الإنتخابات بطريقة مختلفة، كيف ذلك؟ للحديث صلة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...