بين السياسيين ومارتا.. المطلوبُ واحد

 


هي مرحلة التقلّبات السياسية والإنقلابات الدستورية في لبنان، فالجميع متأهّب للمرحلة المُقبلة، ومُتهيّب منها لأسباب كثيرة لعلّ أبرزها، أنها ستُحدّد مصير الهيمنة التي تُمارسها فئةٌ كبيرةٌ من المُتسلّطين على الدولة ومؤسّساتها بحقّ لبنان وشعبه كما تبدو المرحلة الحالية، أشبه بيوم الآخرة "يوم يفرّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه" بحيث أن ما يحصل اليوم، هو التنكّر في العلاقات على غرار التعاطي السياسي القائم بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، والإتهامات خصوصاً بما يتعلّق بتحديد المسؤوليات الناجمة عن تفجير المرفأ.


المرحلة تبدو صعبة وقاسية، خصوصاً وأنها تتطلب العديد من التنازلات بإتجاهات متعدّدة، لا سيّما المتعلقة بالتحالفات السياسية، حيث بدأ "الكباش" الحاد يظهر إلى العلن بين الخصوم والحلفاء على حدّ سواء، وقد اعتاد اللبنانيون على بروز هذا النوع من "الكباش" قبل أشهر من موعد الإنتخابات النيابية، وما تستوجب هذه الإنتخابات من تحالفات مبنيّة على مصالح أساسها حفظ الرؤوس والإحتفاظ بمقاعد تُتيح للجالسين عليها، مواصلة تحكّمهم بالبلاد ورقاب العباد، وبالتالي تطويع القوانين والدستور، للنفاد من العقاب على قاعدة "إنها الإنتخابات يا عزيزي"، وما أدرى اللبنانيين بالإنتخابات هذه، فقد بدأت السلطة القابضة على الحكم، تعمل على إعادة إنتاج نفسها مُجدداً، لكن هذه المرّة من خلال إيهام الناس بوجود خلاف بين جماعة "الخير" الساعية إلى إصلاح البلد وجماعة "الشرّ" المُصرّة على إغراق البلد وجعله جزيرةً معزولةً عن العالم.

من هنا، تكشف مصادر سياسية بارزة، أن "ما يحصل بين جميع القوى السياسية أنها تتناحر في العلن، بينما تقوم بتوزيع الأدوار في ما بينها في الخفاء، ولذلك، لن نستغرب إطلاقاً في حال أعادت الإنتخابات النيابية كُل هذه "البوتقة" إلى موقعها السابق والأقبح، أن كلّ فريق سيعود إلى مُمارسة النهج نفسه الذي كان عليه، وسيعيش اللبنانيون السيناريو نفسه الذي عاشوه من قبل، إلى أن يتمّ إيجاد مخرجٍ قانوني أو دستوري يليق بجرائم البعض منهم، ويؤدي إلى إبطال مفعول المذكرات القضائية بحق سارقي المال العام والمسؤولين عن كارثة جريمة مرفأ بيروت.

وتُضيف المصادر نفسها، إن المشهد السياسي ينقسم اليوم بين فريقين، الفريق الأوّل مؤلّف من "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر" وحركة "أمل" وحلفائهم، والفريق الثاني يتألّف من بقيّة الأحزاب المعارضة ومن ضمنهم الفرق التي تدعي "الوسطية" والمُشكلة الفعليّة، أن لهذين الفريقين "طموحات مُشتركة وهدف واحد وهم القائلين بأن لبنان لا يُحكم إلاّ بالشراكة وبالأكثرية، وهذا يعني بأقلّ الأحوال، أن ما عشناه سابقاً سنعود ونعيشه بالطريقة نفسها، وربّما تتغيّر بعض الوجوه لكن يبقى الأسلوب نفسه".

وتلفت المصادر، إلى أن "الخلاف السياسي الأبرز اليوم في لبنان، يقوم على جبهتين: الأولى بين "حزب الله" و"القوّات اللبنانية" والثانية بين حركة "أمل" و"التيّار الوطني الحر" وإذا نظرنا إلى عمق هذه الخلافات، سيظهر أن الصراع على السلطة هو أساسها وينحصر فقط في هذا الشقّ، وإلا ما معنى التوافق بين "أمل" و"القوّات" وبين "الحزب" والتيّار" إذاً هي لعبةُ مصالح تُدار عبر قنوات وعلى سبيل المثال: "حزب الله" يصوّب، فيسارع رئيسا الجمهورية والحكومة إلى الترقيع أحد "الثنائي الشيعي" ينزلق، يتداعى الآخر لانتشاله، والأمر نفسه ينسحب على الطرفين المارونيين "الوطني الحر" و"القوّات"، حيث استدعت المصالح ولادة إتفاق "معراب"، والمصالح نفسها ستُلمس في بعض الدوائر الإنتخابية سواء بشكل مُباشر أو غير مُباشر.

وتخلص المصادر إلى القول "مارتا مارتا.. تقومين بأمور كثيرة والمطلوبُ واحد". هكذا هو حال السياسيين في لبنان، يقومون باستعراضات ومواجهات واتهامات، بينما المطلوب أمرٌ واحد، هي الإصلاحات.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...