البلد "مدَولَر"... هل يستمر مسلسل ارتفاع الأسعار؟


 أكثر من صورة مأساوية وسيناريو قاتم رسمَهما العديد من المحلّلين والاقتصاديين حول ما ستؤول اليه الاوضاع المعيشية للمواطن خلال العام الجديد، وذهب البعض الى توقع وصول سعر صرف الدولار الى مستويات مرتفعة تتخطى الـ 40 ألف ليرة وحتى الـ 50 ألفاً، وانهيارات مدوّية بالجملة في جميع القطاعات. 

فرصدُ مؤشر ارتفاع الاسعار والتضخم رهن صعود سعر صرف الدولار من خلال تطبيقات تجتاح الشاشات الالكترونية، بالرغم من تأكيد الخبراء ان "يويو" الدولار ناتج عن التلاعب والاحتكار في ظل غياب الرقابة وعجز السلطة عن لجم المتنفّعين او ربما تواطؤها معهم، بما لا يترك مجالاً للشك بأن سعر الصرف في السوق السوداء مصطنع ووهمي، بما لا يقل عن 15 ألف ليرة للدولار الواحد عن سعره الحقيقي، مع الفرق الكبير في عملية الصعود والهبوط خلال أشهر قليلة.

ويُعدّ الدولار مقياس قوة العملات الأخرى، وبحسب اسعار الصرف المتاحة على قاعدة بيانات البنك الدولي، لذا فإن انهيار قيمة الليرة اللبنانية والتضخم الآخذ بالارتفاع والذي فاق اليوم بحسب تقديرات الاقتصاديين نسبة 300% مرشح للارتفاع اكثر، بفعل السياسيات الاقتصادية اللامسؤولة والفاشلة، وعدم الشروع بالإصلاحات المطلوبة والمضي في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وكنتيجة حتمية لـ "دَولَرة" السلع المستوردة التي تطغى على سوق الاستهلاك، وارتفاع ثمن الطاقة (المحروقات)، التي تستخدم في عملية الانتاج وتعليب ونقل السلع، له من التأثير ما يكفي لرفع اسعارها بشكل

تلقائي ومباشر، وتتوقع اوساط مالية مطلعة، ان مآلات الانهيار المعيشي ستتخذ وجوها عدة، في حال استمرار الدولار بارتفاعاته وتفلّته، مع استمرار رفع الاسعار من قبل التجار، أبرزها:

- وصول الوضع الى حد عدم تمكّن المواطن الذي يتقاضى الحد الادنى للأجور، لا سيما بعض الموظفين في القطاعات العامة، من تأمين ابسط حاجاتهم الاساسية ومنها ربطة الخبز.

- فقدان 70% من السلع الاستهلاكية الاساسية المستوردة، بحيث لن يعود بإمكان المواطنين الميسورين نسبياً الحصول عليها، كون فارق سعر صرف الدولار سيقلّص عملية الاستيراد عن المعتاد، وبالتالي اقفال "المولات" والمحلات الكبرى وبقاء بعض الدكاكين الصغيرة.

عالمياً، فإن التراجع الكبير في النشاط الإقتصادي والناتج عن توقف الاعمال والإقفال الذي طال مُعظم الدول، وارتفاع نسبة البطالة بفعل موجات المتحوّرات المتتالية من كورونا، انعكس شحّاً في السلع والمواد واضمحلال حركة التبادل التجاري ودفع إلى تراجع النمو الإقتصادي العالمي بنسبة 3.36% في العام 2020، بحسب البنك الدولي، ومع تلقّي نصف سكان العالم للقاحات المضادة لفيروس كورونا خلال العام الفائت، ارتفع منسوب التفاؤل بعودة النشاط الاقتصادي الى طبيعته شيئاً فشيئاً، فهل سيتمكن لبنان من اللحاق بقطار الاقتصاد العالمي واستعادة عافيته؟

الاجابة برسم ما ستحمله الايام المقبلة والتعويل على السلطة وسياساتها الاقتصادية الانقاذية، التي وُعِدَ بها الشعب اللبناني، للخروج من الازمة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...