لهذا لبنان مُغَيّب عن الأجندة الدولية


 "ليبانون ديبايت" - فادي عيد

قد يكون العنوان الأول في المقاربة الدولية والعربية للمشهد الداخلي المأزوم في كل المجالات، تقطيع المرحلة الإقليمية وتمريرها في لبنان بأقل أضرار ممكنة، ويظهر ذلك بوضوح، ومن خلال غياب اللفتة الخارجية إلى الملف اللبناني، حيث أن عواصم القرار المعنية، وبعد زحمة مبادرات وتحرّكات على امتداد الأشهر الماضية، غابت مع مطلع العام الحالي على الرغم من انزلاق الوضع بسرعة نحو الإنهيار، وما من اهتمامات أو زيارات لتحريك الركود والخروج من واقع الأزمات، ولا سيما من قبل باريس التي وصلت إلى مرحلة من الإستياء من المسؤولين اللبنانيين الذين لم يلتزموا بالوعود التي كانوا أطلقوها للرئيس إيمانويل ماكرون، عندما التقاهم في قصر الصنوبر، ونسفوا مبادرته الإنقاذية، وواصلوا أسلوب المماطلة والمناورة إزاء كل الطروحات الإنقاذية.

ووفق مصادر ديبلوماسية، فإن الإستياء الفرنسي ينسحب بدوره على الموقف الأميركي، بحيث تغيب السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن زيارات المسؤولين الللبنانيين، بما في ذلك القيادات السياسية والحزبية، وبات دور الولايات المتحدة الأميركية في هذه المرحلة ينحصر بدعم الجيش اللبناني، والذي بات من الثوابت والمسلمات بالنسبة للإدارة الأميركية، إضافة إلى دعم بعض المؤسّسات الإنسانية، ولكن في الملف السياسي فإنها فوّضت باريس، والرئيس إيمانويل ماكرون تحديداً، لمتابعة الوضع في لبنان، وهي الداعمة لخطوات ماكرون الأخيرة على الرغم من بعض التباينات حيال بعض المسائل الداخلية.

أما على خط روسيا، ينقل أحد المتابعين للملف الروسي والمقرّبين من المسؤولين الروس، بأن موسكو، وفي هذه الظروف بالذات، متفرّغة لما يجري في أوكرانيا، إضافة إلى توسيع حلف "الناتو" وأزمة كازاخستان، وعلى هذه الخلفية، كان من المفترض بأن تزور بعض القيادات اللبنانية العاصمة الروسية، إنما ولدواع هذا الإنشغال من قبل المسؤولين الروس بهذه التطورات الأخيرة، فذلك ما دفعها إلى الإنكفاء عن أي دور يخصّ لبنان، وقد أكد أحد المسؤولين الروس لصديقه اللبناني، بأن روسيا تدعم استقرار لبنان وسوريا باعتبارهما دولتين متجاورتين، وهي حريصة على الإستقرار بينهما، وتحديداً الإقتصادي، ولذلك، لها دور في سوريا من أجل متابعة الوضع في هذا البلد، ولكن، وطالما الصواريخ الأميركية، كما يقول المسؤول الروسي، باتت على الحدود الروسية، فهذا ما دفع بالكرملين إلى إعلان الإستنفار ومواكبة هذه التطوّرات، وعلى هذه الخلفية ليس في الأفق أي دور روسي أو حراك تجاه لبنان، ما يؤكد في هذه المرحلة أن البلد بات، وبحكم هذه التطورات الروسية، وصولاً إلى الإنتخابات الرئاسية الفرنسية والتي ستكون الشغل الشاغل لماكرون، يعيش في مرحلة الوقت الضائع، إلى حين إجراء الإستحقاقات الدستورية المقبلة، وفي مقدّمها الإنتخابات النيابية.

ولذلك، وعلى الرغم من كل ما يقال بأن هناك ضغوطات دولية وعقوبات في حال لم تحصل الإنتخابات النيابية، يبقى مجرد شعارات، باعتبار أن التجارب السابقة أثبتت بأن لبنان أضحى خارج الإهتمامات الدولية، ولم يعد أولوية إلا في حال كان هناك خطوات قد تؤدي إلى تطيير الإنتخابات، عندها ربما تكون هناك تدخلات فرنسية، على اعتبار أن أحد السفراء الفرنسيين السابقين في لبنان أكد لأحد المسؤولين اللبنانيين، بأن باريس تلقّت وعداً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بأنه، وعلى الرغم من كل ما يحيط بالحكومة من عثرات، سيبقى على رأس هذه الحكومة من أجل تأمين حصول هذا الإستحقاق النيابي مهما كانت الظروف، وبالتالي، يضيف بأن باريس بعثت برسائل لمعظم الزعامات والقيادات اللبنانية تحذّرهم من مغبة تطيير الإنتخابات، والدلالة على ذلك أن بعض القوى السياسية الرئيسية بدأت تحرّك ماكيناتها وأعلنت حال الإستنفار الإنتخابي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...