تحذير أمني من سيناريو مقلق في الشارع


 يتّجه رئيس الجمهورية ميشال عون، في ضوء اتصالات الكواليس واللقاءات مع بعض القيادات السياسية، إلى نعي طاولة الحوار. وسيعدّد عون، وفق المعلومات، الأسباب التي دفعته إلى صرف النظر عن التئام طاولة "لمّ الشمل".

آخر اللقاءات التشاورية اليوم ستكون بين ميشال عون... وجبران باسيل! مشهد سوريالي سينتهي بالانصياع لرغبة الأكثرية بمقاطعة، أو عدم الحماسة، لحوار لم يعد ينفع في زمن الفوضى والانهيارات المأساوية.

فعلى الرغم من حالة "الدمار الشامل" خارج بقعة القصر الجمهوري شرّع "القصر" أبوابه لحوارٍ فوق "حطام الدولة" شكّك الجميع، حتى المشاركون فيه، في أهليّته السياسية.

وبعد تنصيب نفسه "أبا الحوار" في العقود الماضية لم يرفض رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب عون، لكنّه تشكّك سلفاً في "مندرجات جدول أعماله وتوقيته ومستوى الأهميّة والأولويّات التي يطرحها في هذه المرحلة".

وقد أبلغ برّي مسبقاً دوائر القصر الجمهوري رفضه المشاركة في الاستشارات التمهيدية في قصر بعبدا التي تَسبق التئام طاولة حوار "اللون السياسي الواحد". وحين سيُحدّد موعد بدء الحوار الموسّع، إن حصل ذلك، سيشارك فيه.

يقول قريبون من برّي: "لو قُدِّر لطاولة الحوار أن تنعقد فسيستمع برّي إلى الآراء من دون أن يعدّ نصّاً مكتوباً أو يشارك في النقاش لاعتراضه أصلاً على البنود الثلاثة التي حصر عون الحوار بها، والتوقيت غير الملائم إطلاقاً لطاولة نقاش من هذا النوع، إضافة إلى قفز رئيس الجمهورية فوق أولويّات أكثر إلحاحاً. وقد سبق أن فعل برّي ذلك في جلسات حوارية سابقة تتعلّق بالشأن الاقتصادي خلال الولاية الرئاسية".

وأتت الضربة الأقوى من جانب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعدما عجزت وساطة حزب الله عن إقناعه بالمشاركة في طاولة الحوار.

كان عون يعوّل على سدّ ثغرة مقاطعة القوات اللبنانية عبر حضور رئيس كتلة لبنان القوي جبران باسيل وفرنجية والطاشناق. وقال متابعون إنّ "موقف فرنجية كان منسّقاً مع حزب الله وبرّي". وفي هذا السياق لم يعد محيط عون وباسيل يتردّد في اتّهام الحزب مباشرة بالمشاركة في إضعاف العهد ومحاصرته.

واعتذر أيضاً النائب السابق وليد جنبلاط عن الحضور إلى بعبدا في موقف ينسجم مع تغريدته السابقة التي اعتبرت التئام مجلس الوزراء هو "أساس الحوار".

بالتزامن مع هذه الوقائع، كان "البيك" مهتمّاً أكثر بإرسال مقال بعنوان "لماذا يُصبِح العلماء جواسيس" إلى قائمة أصدقائه ومعارفه عبر البريد الإلكتروني، مع تعليق شخصي منه "الجواسيس دائماً مذهِلون". وهو مقال كان قد نُشِر في "نيويوركر" للكاتبة في المجال العلمي والطبي ريفكا غالتشن.

دشّن عون أمس ماراتون "الحوار حول الحوار" مع نائب حزب الله، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، الحاج محمد رعد.

وعلى الرغم من المواقف العمومية المؤيّدة للحوار التي أطلقها رعد من قصر بعبدا، فإنّ مصادر مطّلعة تؤكّد أنّ النقطة الأساسية التي طغت على لقاء نائب حزب الله مع رئيس الجمهورية هي "لوم الثنائي الشيعي على تعطيل جلسات مجلس الوزراء، فيما حزب الله قادر على فصل المسارين الحكومي والقضائي في ملفّ المرفأ".

وقد سَمِع من رعد "الجواب الكلاسيكي" الذي يشدّد على حتميّة حلّ أزمة انحراف القاضي طارق البيطار عن مسار صلاحيّاته باعتباره شرطاً إلزاميّاً لاستئناف جلسات الحكومة.

عمليّاً، بَدَت لقاءات عون مع رعد وفرنجية وطلال إرسلان، واليوم مع النواب باسيل وأسعد حردان وهاغوب بقرادونيان و"اللقاء التشاوري"، خارج الزمن والمنطق فيما تخرج الأمور، بسرعة مخيفة، عن السيطرة معيشياً واجتماعياً وماليّاً واقتصادياً.

وعلى الرغم من رفعه لافتة "الحوار الوطني"، يرفض رئيس الجمهورية أيّ تفاوض في شأن توقيعه مزيداً من الموافقات الاستثنائية.

وهنا يؤكّد مطّلعون أنّ "ميقاتي كان أخذ وعداً من الرئيس عون في اللقاء الأخير بينهما بتوقيع مرسوم بصيغة الموافقة الاستثنائية يرتبط بمستحقّات موظفي القطاع العام والخاص، الأمر الذي قاد ميقاتي إلى تأكيد صدور مراسيمها يوم الأربعاء الماضي".

لكنّ عون عاد وأكّد رفضه المطلق لتوقيع مراسيم استثنائية تشمل رواتب وتعويضات المتعاقدين والأجراء والمياومين، وزيادة قيمة بدلات النقل لموظفي القطاعين العام والخاص، وإعطاء مساعدة اجتماعية لموظفي القطاع العام عن شهريْ تشرين الثاني وكانون الأول، وبدل نقل مقطوع شهري للأسلاك العسكرية والأمنية، إضافة إلى دفع مستحقّات عائدة لوزارة الصحة.

وقد حمّل عون، في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، حزب الله وحركة أمل، من دون أن يسمّيهما، مسؤولية التأخير في إعطاء هذه الحقوق، داعياً إلى "انعقاد مجلس الوزراء في أسرع وقت ممكن تفادياً لمزيدٍ من الأضرار التي تلحق بالدولة ومؤسساتها وبالعاملين فيها".

في هذا الإطار يحذّر مصدر أمنيّ من عدم القدرة هذه المرّة "على السيطرة على الشارع في حال تدحرجت كرة الاعتراضات الشعبية وكانت موزّعة في المناطق في وقت واحد"، معترفاً أنّ "بعض العسكر بات يرفض تنفيذ الأوامر العسكرية التي تدخل ضمن عمله العسكري اليومي، في ظلّ واقع أن لا شيء يخسره أصلاً".

وينبّه المصدر إلى أنّ "الأمن الصحّي للعسكر بات مكشوفاً بالكامل، وينسحب هذا الأمر على كبار الضباط، خصوصاً في قوى الأمن الداخلي. وهذه ظاهرة خطيرة جداً السكوت عنها جريمة بعد رفض غالبية المستشفيات استقبالهم على نفقة قوى الأمن".

لكنّ المصادر تلفت إلى أنّ "مسألة الطبابة في الجيش تبدو أفضل حالاً على الرغم من أنّ الجيش قد أوقف إرسال عسكريّيه إلى 10 مستشفيات للعلاج بسبب مخالفتها شروط التعاقد، وهو رقم غير مؤثّر حتّى الآن، إذ يبلغ عدد المستشفيات التي يتعاقد معها الجيش 140".

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...