مسيحيو لبنان متروكون... قياداتهم تساهم بتهجيرهم...؟!


الكلمة أونلاين - 
سيمون ابو فاضل

تبدو الساحة المسيحية اليوم خالية من أي زعامات حقيقية تقف كالسيف في ظهر ناسها وأهلها تحمي وجودهم وتعزّز دورهم وتدعم متطلباتهم وأهدافهم وسبل عيشهم.. يفتقد مسيحيو لبنان في أيامنا هذه لذاك الزعيم الحقيقي الذي يسخّر نفسه لحماية شعبه من الأزمات التي تعصف به بدلا من أن يتربّع على كرسيّ السلطة وراء جدران المصالح الخاصة متجاهلاً آلام وأوجاع الناس في الشارع.. 

ذاك الزعيم الذي يكون كبير القادة في تحمّل زمام المسؤولية وصغير الخدم في أوقات الشدّة. وكم يتوق المسيحيون اليوم الى ذاك الزعيم الذي يشاركهم معاناتهم ويعمل على تعزيز البقاء بدلا من ان يجلس في قصره البلوري يتمتع بغنائم السلطة، في حين ان شعبه يعاني الفقر والعوز وفقدان الدواء.. ذاك الزعيم الذي يسير أمام شعبه بدلأ من ان يختبئ خلفه، ويكذب عليه برفع شعارات شعبوية ...

في البيئة المسيحية، يسود إجماعٌ كبير على انعدام الرؤية الاستراتيجية لدى أي من الأحزاب الأربعة الرئيسية للحفاظ على الوجود المسيحي في لبنان ووقف نزيف الهجرة والسعي لإعادة المهاجرين والمغتربين الى وطنهم الأمّ، رغم ان لبعضها تاريخ نضالي فقدته في هذه المرحلة من خلال ما تتطلبه هذه المرحلة من دعم للمواطنين وبعضهم مؤيدينها على ما تدل المعطيات والوقائع، لا بل ان قادة هذه الأحزاب تواظب على إرساء حالة الاضطراب والتوتر وعدم الاستقرار على الساحة المسيحية التي حوّلتها الى حلبة صراع مصالح وعرض قوى، ضاربة بعرض الحائط رغبات وطموحات أهلها، علما ان المسيحيين يواجهون خطرا وجوديا يحدق بهم في ظل غياب أي رؤية موحدة تعطي ضمانات بغد أفضل للأجيال الطالعة، وبعد ان تمت مصادرة قرارهم عبر قانون انتخاب يعيد انتاج هذه الاحزاب التي صادرت القرار المسيحي لحسابات خاصة بقادتها واهدافهم السلطوية و الرئاسية حصرا ..

هو شعارٌ واحد ترفعه الأحزاب المسيحية "حقوق المسيحيين" او " مصلحة المسيحيين "وتبدو مسيرة الحفاظ على تلك الحقوق شبيهة بمسار استرجاع الأموال المنهوبة التي باتت في خبر كان. فأين أنتم أيها القادة من نهج إفراغ الإدارة العامة من المسيحيين؟ ماذا تفعلون لمنع تنفيذ هذا المخطّط بحق أهلكم؟ والأيادي البيضاء في هذا المدماك لمؤسسة لابورا ورئيسها الأب طوني خضرا الذي أخذ على عاتقه هذه المسؤولية بالتوازي مع تكريس جهوده لربط حاجات الشباب المسيحي مع سوق العمل والدورات التدريبية في ضوء ارتفاع نسبة البطالة وكذلك الهجرة في صفوف الشباب بشكل خاص.
كما لابورا كذلك الجمعيات والمؤسسات ذات الطابع الاجتماعي والإنمائي مثل جمعية نورج، المؤسسة المارونية للانتشار، الرهبنة اللبنانية المارونية، وجمعية سوليداريتي وجمعية مريم الخ.. رفعت شعلة دعم المسيحيين قدر الإمكان بالاتكال على مساعدات مالية من رجال أعمال مقيمين ومغتربين ومن شخصيات سياسية إضافة الى بعض مصادر التمويل الخارجي لأنشطتها، علما أن الأوساط تؤكد ان بعض هذه الجمعيات طلب قبل فترة الأعياد المجيدة مساعدات مالية من شخصيات عامة للقيام بأعمال ونشاطات ميلادية لم يُنفّذ منها شيء، ما يطرح علامات استفهام حول أهداف هذه المؤسسات ذات الطابع الخيري، وان كان المنطق يقر بضرورة تأمين الدولة هذه المتطلبات من خلال مؤسساتها الاجتماعية والطبية ...

بعيدا من كل ذلك يتطلّع المسيحيون الى زعيم او مرجع مسيحي يعمل وفق مناخ مطمئن وبخطوات اقتصادية - اجتماعية ترفع منسوب الأمل باحتوائهم في وطنهم واستحداث مشاريع وفرص عمل تفتح أمامهم مجالات وآفاق تحدّ من ظاهرة الهجرة المتنامية. وفي ظل غياب الدولة نتيجة سياسة هو احد اركانها يعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مثالاً للزعيم القوي الذي يحيط أبناء طائفته ولا ينفكّ يستطلع حاجاتهم ومتطلباتهم لا سيما في ظل الانهيار الاقتصادي الحاصل، حيث بجهد منه زارت السفيرة الفرنسية منطقة الشوف على مدى يومين وعقدت لقاءات مع مؤسسات اجتماعية وطبية وتربوية واطلعت على معيشة الناس واحتياجاتهم، كما تلتها زيارة للسفيرة الاميركية للغاية ذاتها من زاوية تربوية.في وقت يغيب هذا النوع من الاهتمام عن الساحة المسيحية بعدما أثبت رؤساء الأحزاب الأربعة القوات والكتائب والتيار والمردة تقوقعهم في مناطقهم وخلافاتهم وفشلهم الذريع باحتواء أهل بيئتهم ودعم صمودهم، اذ لم يرَ أيُ مسيحي فلساً واحدا من الأموال الخارجية التي تصل الى قادة الأحزاب أكان من إيران أو من دول الخليج لا في الحرب ولا في السلم.

عليه ان الدعوة جادّة اليوم وملحّة للأحزاب ، خصوصا بعد العام ٢٠٠٥ الى القيام بدورها الصحيح في حماية ما تبقى من مسيحيين في لبنان وتعزيز سبل عيشهم وصمودهم بوجه التحديات اليومية القاهرة في ظل غياب كلّي للدولة المنهارة وفاقدة الهيبة على كل المستويات. 

ولا بدّ من التشديد على ان الأوضاع الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان تستوجب جهودا ومساعدات استثنائية من الأحزاب تتخطى توزيع متواضع لعدد من الحصص الغذائية من هنا وهناك، فالناس لن يموتوا من الجوع لكنهم يواجهون خطر الموت الحقيقي نتيجة انعدام قدرتهم الشرائية لتأمين أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة ولعدم تمكّنهم من دخول المستشفيات لتلقي العلاجات اللازمة. الناس يعيشون في قهر يومي سعيا وراء أموال لا تسد بطون أطفالهم الجائعة وفواتير الكهرباء والمولدات والمياه والمحروقات.. وبالمناسبة هل تدركون ان كثيرين محرومون من التدفئة هذا الشتاء؟ ان كنتم تعلمون او لا بالحالتين عار عليكم!!

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...