في الاقتصاد يمكن تفسير هذه القفزات للدولار بين ساعة وأُخرى على أن البلد دخل مرحلة الانهيار السريع لاقتصاده الوطني، الذي فقد الدعائم البنيوية لصموده بوجه "غزوة" الدولار، وتهاوى نتيجة عوامل سياسية مالية وأمنية منها:
تراجع القدرة الانتاجية للمؤسسات العامة، واستنزاف اليد العاملة التي تحولت نحو قطاعات أُخرى بعضها خاص وبعضها الآخر يعود الى وظائف غير دائمة القصد منها الصمود بوجه الأزمة، وهنا تجد على سبيل المثال موظفاً في دائرة حكومية قرر العمل كسائق ديليفري أو سائق تاكسي، تجبره الوظيفة الجديدة على الغياب عن عمله الوظيفي لأيام، وربما أسابيع، بحجة كلفة التنقل التي لا يمكن للراتب الوظيفي تغطيتها، فينخفض الانتاج في المؤسسة ويلجأ الموظف الى مِهَن يمكنه من خلالها التهرّب من دفع الضرائب.غياب الرقابة عن الاسواق الاستهلاكية، واختصار محاضر الضبط بحق صغار التجار، في وقت يلجأ التجار الكبار الى اعتماد منصات خاصة بهم لصرف الدولار، يخفضون سقفها عند الشراء ويرفعونها عند المبيع وتكون في غالبيتها مغايرة لمنصات السوق السوداء التي تظهر عبر التطبيقات.
وفي زمن التهريب عبر الحدود يستنزف الاقتصاد الوطني ايضاً كل طاقاته، فالخبز والقمح وكل ما هو مدعوم يُهرَّب الى خارج الحدود عبر مجموعات منظمة عملت في السنوات الاخيرة على وضع نظام خاص بالتهريب، يبدأ من نقل البضائع من المصدر وصولاً الى تمريرها عبر الحدود نحو سورية ومنها الى بلدان عربية أُخرى. فمصرف لبنان يواصل دفع الدولار لدعم الخدمات والادوية بنسب متفاوتة قبل أن يصدّرها المهرّبون نحو الخارج بأسعار السوق السوداء وبالدولار.