الزواج بين التيارين البرتقالي والأصفر "ماروني" و"مدني" في آن


 حاول رئيس "التيار الوطني الحر" النائب الحالي جبران باسيل، في مؤتمره الصحافي أن يعرّج على كل المسائل المطروحة على بساط البحث، من دون أن يسمح لنفسه بالغوص كثيرًا في دوافع "الثنائي الشيعي" للعودة إلى أحضان الدولة، من خلال مجلس الوزراء، بعد تعطيله لفترة غير قصيرة قياسًا إلى عمر الحكومة القصير. 

وعلى رغم إعتباره أن هذه العودة غير كافية حاول اللعب على موضوع الصلاحيات، إذ أكد "أننا متمسكون بصلاحيات رئيس الحكومة من الدستور والذي يعطيه  صلاحية وضع جدول أعمال مجلس الوزراء ويتفاهم عليه مع رئيس الجمهورية ولا يجب المسّ بهذه الصلاحية المناطة برئيس الحكومة ولا يجب الخروج عن هذه القاعدة، تماماً كما الصلاحية المعطاة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بإصدار مرسوم العقد الإستثنائي لمجلس النواب، والتي تعطيهم حق تحديد برنامج عمل المجلس ومدة فتح العقد الإستثنائي"، فإن باسيل المقبل على معركة إنتخابية غير سهلة حاذر إطلاق رصاصاته السياسية في كل إتجاه، وبالأخص في إتجاه "الثنائي الشيعي"، لأنه حريص، وفق آخر المعلومات، على إجتياز حقل الألغام الإنتخابي بأقل أضرار وخسائر ممكنة، وذلك من خلال ما تمّ التوصّل إليه بين "التيار" و"حزب الله" من تفاهمات أولية على "كل الأمور تقريبًا"، لكنها لا تزال تحتاج إلى وضع اللمسات الأخيرة قبل أن تُعلن. 

ويُرجّح أن تصدر هذه الصيغة في شكلها النهائي عقب لقاء يجمع باسيل بالأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، الذي يهندس ظروفه صديقه الحاج وفيق صفا، من دون أن يعني ذلك أن وضعية إنعقاد اللقاء مضمونة النتائج، خصوصًا أن العلاقة بين الطرفين شهدت في الآونة الأخيرة إهتزازًا، ولكن يبدو، بحسب آخر المعلومات أنها اجتازت "القطوع الأخطر"، ولكن تبقى الكلمة الأخيرة في هذا المجال للسيد نصرالله، الذي يقيس أي تحالف مستقبلي مع "التيار" على اسس واضحة غير قابلة للتبدّل مع تبدّل الظروف، مع مراعاة خصوصية كل من حليفيه الآخرين، أي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، خصوصًا أن على الكتف الإنتخابي بمرحلتيه النيابية والرئاسية أكثر من حمّال، وبالتالي فإن أي بحث مع "التيار" يجب أن يأخذ في الإعتبار كل هذه المعطيات، على رغم أن بعض القيادات العونية تحاول تسريب معلومات بأن المحادثات مع الحزب تخللتها سجالات ومصارحات بعيدة عن الأضواء، حيث يحرص "حزب الله" على إبقائها ضمن الغرف المغلقة وعدم نقلها الى العلن ووسائل الإعلام.

وعلى رغم هذه الأجواء التي توحي بشيء من الإيجابية فإن قيادة "حزب الله" لا تزال تحاذر الإقدام على أي خطوة متقدمة، وهي لا تزال تدرس بدقة وعناية ما يمكن إتخاذه من إجراءات، من دون إغفال مطبات المرحلة السابقة، وما صدر عن قيادات في "التيار"من انتقادات لاذعة ضد الحزب في ما يتعلق بالعلاقة اللصيقة بينه وبين الرئيس بري، الذي يُعتبر بالنسبة إلى الحزب خطًّا أحمر لا يسمح لأحد بتجاوزه، فضلًا عن العلاقة المتينة بينه وبين فرنجية، والتي لا تشوبها أي شائبة


وفي خلفية "حزب الله" فإن العلاقة مع فرنجية أكثر ثباتًا من غيره، لأن الرجل يعرف ماذا يريد، وهو يقول رأيه بكل صراحة ووضوح ومن دون لفّ أو دوران. وهذا لا يعني على الإطلاق أن الحزب سيتخّلى عن "التيار الوطني الحر"، لأنه لا يزال يرى فيه حليفًا يمكن الإعتماد عليه، أقّله في مواجهة "القوات اللبنانية" على الساحة المسيحية، مع ما يؤّمنه له من غطاء مسيحي لا يزال يحتاج إليه، وبالأخصّ عندما تحتدم معاركه الخارجية


وعليه، فإن تحالف "حزب الله" مع "التيار" إنتخابيًا محسوم في أكثر من منطقة، وذلك بهدف حفاظه على الأكثرية النيابية في مرحلة مفصلية مع إقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية، وإرتباطها عضويًا مع الإنتخابات النيابية.


فالزواج بين الحليفين، على رغم التباينات بينهما، قد يكون "مارونيًا" في مرحلة ما، وقد يكون "مدنيًا" في مرحلة أخرى، وبحسب ما تفرضه الظروف، داخليًا وخارجيًا.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...