الحريري وتحدّي تمرير المرحلة اللبنانية الصعبة


 "ليبانون ديبايت" - فادي عيد

في الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن أن رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري، اتّخذ قراراً بالعزوف عن الترشّح في الإنتخابات النيابية المقبلة، يبدو من الطبيعي أن يبادر أي مسؤول أو شخصية سياسية أو حزبية عن الإبتعاد عن الحياة السياسية، خصوصاً في ظل الظروف الحالية، ولكن هذا الأمر غير مبرّر بالنسبة لشخصية بحجم الحريري وحيثيته التمثيلية على الساحة السنّية بشكل عام.

وفي قراءة متأنّية للمتغيّرات الإقليمية، وجدت أوساط سياسية متابعة، أن المنطقة، ومن ضمنها لبنان، تقف على أبواب مواجهة قاسية في وجه المحور الإيراني وأذرعه بدءاً من "حزب الله" في لبنان، وصولاً إلى حركة "حماس" في فلسطين، لافتةً إلى أن هذه المواجهة قد تتحوّل في بعض دول المنطقة إلى متفجّرة، وأن لبنان لن يكون بمنأى عنها، والتي ستُتَرجَم في الإستحقاق الإنتخابي النيابي المقبل، وبالتالي، فإن عنوان المرحلة القادمة هو مواجهة شرسة مع الحزب وحلفائه الداخليين، وبالتالي، فإن الرئيس الحريري، يرفض أن يكون "رأس حربة" في المواجهة مع الحزب كزعيم سنّي، وذلك، لاعتبارات دينية وتاريخية وغيرها، ولذا، فإن المواجهة قد تكون بين "حزب الله" وحلفائه من جهة، والأفرقاء الآخرين الذين يعارضونه من جهة أخرى، وذلك بصرف النظر عن انتماءاتهم الطائفية.

ومن هنا، اعتبرت الأوساط نفسها، أن رئيس "المستقبل" قد قرأ جيداً الإشارات الحقيقية للمواجهة المقبلة، خصوصاً وأنه يرفض أن يكون في هذا الموقع، وقد سبق وأن أفصح عن موقفه هذا منذ تولّيه المسؤولية خلفاً لوالده، حيث كرّس ثابتةً بأنه لن يكون طرفاً في أي صراع ذات طابع عنفي، أو أي تحدٍّ مع أي فريق لبناني. وأوضحت هذه الأوساط، أن القرار الذي سيتّخذه الرئيس الحريري، لجهة العودة إلى بيروت والمشاركة في الإستحقاق الإنتخابي النيابي، يعني بشكل حاسم أنه قرّر الإنخراط مجدّداً في المرحلة السياسية المقبلة، ولكن إذا بقي على موقفه بالإبتعاد عن أي مشاركة في اللعبة السياسية الداخلية، فإن هذه الخطوة سوف تكرّس سيناريو مطروح منذ مدة ومفاده، أنه قد قرّر الإنسحاب تكتيكياً من الحياة السياسية، وهذا ما كان قد تردّد منذ مدة عن أن الحريري قد أوعز إلى نوابه وتياره، بأنه لن يترشّح شخصياً إلى الإنتخابات النيابية المقبلة، أي أنه لن تكون ل"المستقبل" لوائح خاصة به، بل ستكون لوائح مدعومة سياسياً من "التيار الأزرق"، ويترشّح فيها أفراد على نفقتهم الخاصة، ومن خلال تحالفات خاصة أيضاً.

وعلى الرغم من النفي المطلق من قبل "التيار الأزرق" ونوابه لهذا السيناريو والإعلان عن موعد وشيك لعودة الحريري إلى بيروت، فإن المصادر عينها، توقّعت أن يسعى الرئيس الحريري، إلى تمرير المرحلة الصعبة لبنانياً وإقليمياً، ليبقى في منأى عن تداعياتها السلبية.

والسؤال المطروح، بحسب الأوساط، يتمحور حول طبيعة المنافسة التي ستنشأ في الشارع السنّي، وانقسامه بين شخصيات عدة تسعى للدخول في السباق من أجل الحصول على لقب الزعيم السنّي المقبل، مع العلم أن الأوساط نفسها، تجزم بأن ما من شخصية تطرح نفسها اليوم من أجل هذا الدور ستكون قادرة على وراثة زعامة الحريري، الذي سيبقى الزعيم الأوحد للشارع السنّي، وذلك، بدعم داخلي وخارجي

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...