"حزب الله" والتسويّة بين الربح والخسارة


 بعد نجاح التسوية الفرنسية التي قادها الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي أدّت إلى فرملة قرار قطع السعودية علاقتها بلبنان وعودة المياه إلى مجاريها ولو جزئيّاً مع المملكة، دخل البعض في تحليلات ونقاشات تحدّثت عن خسارة معنوية تلقّاها "الثنائي الشيعي"، وتحديداً "حزب الله" جرّاء التسوية هذه بوصفها أنها جاءت على حسابه بضغطٍ من طهران الساعية بدورها إلى تحقيق تسوية أكبر وأعمق في ملفّها النووي من خلال مفاوضات فيينا مع الولايات المتحدة الأميركية.

من نافل القول، أنه ليس بهذه الطريقة تُقرَّش السياسة في لبنان، ولا بهذه الأفكار أو الخلفيّة تُدار التسويات السياسية اللبنانية، وتحديداً تلك التي يكون ل"حزب الله" جانب أساسي فيها فمن خلال متابعة المسار السياسي الطويل الذي خاضه "الحزب" منذ ما بعد اتفاق الطائف ولغاية اليوم، يتبيّن أنه بعد بلوغ كل تسوية سواء ديبلوماسية أو أمنية أو سياسية، يعود بعدها أشرس في تعاطيه مع مُجمل الأمور ممّا كان عليه سابقاً، ذلك أنه يُدرك كيفيّة تقسيم ملفاته، وتوزيعها بحسب أهميتها إلى حين حاجته إلى استخدامها عند الضرورة.

في السياق، توضح مصادر مُقرّبة من "حزب الله"، أن الأخير لم يكن له أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالتسوية التي أبرمها ماكرون مع الجانب السعودي، ولا حتّى بما يتعلّق باستقالة الوزير جورج قرداحي، على الرغم من إعلام قرداحي جميع حلفائه، بالقرار الذي اتخذه بالتنسيق مع رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة. 

وهذا لا يُقلّل من شأن "الحزب"، ولا يعني في الوقت نفسه أنه ضدّ التسوية، بل على العكس، فأي عاقل لا يُمكن أن يقف في وجه أي مُحاولة تصبّ في صالح الشعب اللبناني وإخراجه من محنته الإقتصادية.

مُقابل ما يُعلنه "حزب الله"، أو ما يُخفيه من ممارسات أو استراتيجيات خاصّة به أو بمشروع مُقاومته أو حتّى نظرته للتسويّة الفرنسية ـ السعودية، يرى مستشار الرئيس سعد الحريري مصطفى علّوش، أن "هذه التسوية يُمكن أن تُعيد السفراء اللبنانيين إلى دول الخليج، وأن تُعيد أيضاً سفراء دول الخليج إلى لبنان، لكنها بكل تأكيد، لن يكون لها مفاعيل ملموسة في الوقت القريب، خصوصاً في ظل استحالة ما يُطالب به المُجتمع الدولي من خطوات لبنانية تسبق الدعم المادي الذي يُطالب به لبنان",

ويُضيف علوش، "حتّى الساعة لا يُمكن أن نعرف ما إذا كانت التسوية قد خدمت لبنان أم العكس، فلبنان غير قادر على الإطلاق على تطبيق الشروط المتعلّقة بتطبيق بنود السلاح غير الشرعي، ولا بضبط المعابر غير الشرعيّة، ولا حتى هو قادر على اتخاذ أي قرار يتعارض مع موقف "حزب الله" الذي يستمدّ قراره من طهران، وهذا باعتراف كلّ من السيد حسن نصرالله بإعلانه أنه جندي في "ولاية الفقيه"، ونائبه الشيخ نعيم قاسم، والذي يظهر في كتاباته ودعواته وحواراته."

من جهتها، تعود المصادر المُقرّبة من "حزب الله"، لتشير إلى أن الحزب يُبدي ليونة كبيرة حيال عدد من الطروحات لكي لا يُتّهم بعرقلة الحلول، على الرغم من إدراكه أن ما يجري أو ما يُسمّى "تسويات"، لا يتعدّى الشكليّات طالما أن رؤية أصحابها البعيدة تصبّ في تطويق "الحزب" وعزله سياسياً عن مُجتمعه اللبناني، وما يُحضّر في ملف انفجار المرفأ هو أكبر دليل على وجود نوايا لمحاصرة "حزب الله"، وفي هذه الحالة يُصبح الدفاع عن النفس أمراً مشروعاً.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...