نصرالله يضع يده على ملف التيّار


 "ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

لا يتردّد قطبٌ في الثنائي الشيعي، باستعادة شريط الأحداث التي خيّمت في الآونة الأخيرة على العلاقة بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، ثم يبدأ باستعراض النتوءات والتشوّهات، فيتفحّص كلّاً منها على حدى ويبدي رأياً فيها، ليخلص في نهاية المطاف للجزم أن "التحالف ماشي".

القاعدةُ نفسها تنطبق على النظرة لدى كل الفريقين. التيّار، ومهما بلغ في سياسة التناقض مع الحزب، يبقى محكوماً بمنطق الحاجة الخاضعة بدورها لتأثيرات هبّات التبدّل في المزاج الشعبي المسيحي، حيث تسعى رئاسة التيّار إلى مواكبته من خلال خلق مسافةٍ "شرعية" مع "حزب الله"، ومحاولة توظيفها بالقدر المُتاح تحت عنوان: "تعزيز الموقع" وكسب المزيد من الإيرادات ضمن التحالف. في المقابل، يمارس الحزب السقف الأعلى من الإنضباط ، معتمداً على قدرته المُتاحة في المناورة ضمن المساحة التي يخلقها رئيس التيّار جبران باسيل، وتبعاً لذلك، يؤسّس لخلق مساحته أيضاً. إذاً التفاهمُ قائمٌ بين الجانبين ضمن الخطوط العريضة، مع إتاحة المجال أمام حريةٍ أكبر في التحرّك على ضفاف "التفاهم" وفي محيطه، ضمن الهوامش المُتاحة طبعاً.

وعملياً، تجسّدت وجهة النظر هذه خلال فترة الأعياد. صحيحٌ أن التباعد تسيّد المشهد، ولو أن "القطيعة" التي تلت قرار المجلس الدستوري بمعناها السياسي، يعتبرها الحزب "زهداً" أقرب إلى محاولة تهدئة كان لا بدّ منها، لكن في الواقع فإن مناسبة الأعياد ،كانت فرصةً لإعادة الحرارة إلى خطوط التواصل كافة، لا سيّما قناة "جبران باسيل – وفيق صفا"، واتّسمت بطابع وجداني بعيداً عن السياسة المتروكة مبدئياً من جانب الضاحية، إلى مراجعةٍ يتولّى تقديمها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله نهار الإثنين، وضمن "الوقت المُتاح" للكلمة المتعددة العناوين قد يتناول المسموح وغير المسموح، وتأتي من مقام الضرورة والحاجة بعدما بلغت الأمور ما بلغت، ومن دون ملامسة طبعاً "الجوهر" المتروك إلى جلسات ما بين الجدران، وأهمية الكلمة أنها تأتي غداة موعد "بق البحصة" بالنسبة إلى الوزير باسيل. وتقول أوساطٌ ان ما سيأتي خلال "الظهور الباسيلي" مبنيّ بالدرجة الأولى على طبيعة "الحركة"وما قد تُفضي إليه. وهنا تسقط فرضية "اللقاء المزعوم" والمباشر الذي جرى بين باسيل – صفا قبل أيام، وتسجّل المعلومات أن آخر لقاء عُقد بينهما، كان قبل "عاصفة الدستوري"، يقابل ذلك ارتفاعٌ ملحوظ في طرح فرضية التنسيق "من خلف الخطوط"، فيما النقاش الصريح حول القضايا السياسية، ـ"متروكٌ لوقته" بشهادة اجتماع مصادر الطرفين عند الرأي ذاته.

نظرياً، "ورقةُ التفاهم" بحاجةٍ لإعادة نقاش، وهي قاعدة ٌمتّفقٌ عليها بين الجانبين، لكن النزاع يبقى في العنوان: ما هو  الطريق الأفضل لبلوغ الغاية، هل في إعادة بناء التفاهم وفق ورقةٍ جديدة أم إجراء "UPDATE" على ما سبق ضمن هوامش وإضافات؟ ليس سرّاً أن التيّار يميل إلى وجهة النظر الأولى، مع إضافةٍ تتمثّل بطلب المراجعة الشاملة، بينما الحزب يفضّل الثانية. ضمن هذا القالب ينشط التباين السياسي "المضبوط إجتماعياً" ، بدليل استئناف اجتماعات اللجان الفرعية المخوّلة النقاش والتقرير في قضايا حياتية مشتركة. يحدث كل ذلك في ظل "شطحات" في السياسة، يقول الحزب أنه "يتفهّمها، وإذا كانت تُريح التيّار، فلا مانع منها" والأمر نفسه معمم على الرئاسة الأولى. هنا، ما هو موقف البيئة من الذي جرى ويجري؟ "ليس هناك من مشكلة. البيئة تتفهم وما بُنى طيلة أعوام صعب أن ينكسر في أيام". خلاصة موقف الحزب، وبالنسبة إليه، تمسّك البيئة بالتفاهم مع العونيين كتمسّكها بالسلاح تماماً. وجهةُ نظر لا تجد من يعاكسها إلاّ على وسائل التواصل الإجتماعي وبعض المندفعين، في النتيجة وسائل التواصل متفلّتة  و"أوميكرون" السياسة يجد نفسه حرّ التصرف في الأجساد غير الملقّحة.

في الواقع، ما يسعى لإتمامه حالياً، هو كناية عن رغبةٍ في "شدشدة براغي التحالف" قبل الإنتخابات. للوصول إلى ذلك، مطلوب "إعلان نوايا"، يقضي بضخّ الروح في اللجنة المخصّصة لبحث التعديلات على ورقة التفاهم، والمطلوب أكثر إجراء "نفضة شاملة"، عونية، "تُهذّب" خطاب الفرقة اليمينية المسيحية داخل التيّار، التي، وبشهادة البرتقاليين، تجدُ ملاذاً آمناً وتنشطُ ضمن "البيئة العدائية" ، ولا بدّ من أنها ومنذ 4 آب، تعيش فترة انتعاش واضحة، دون ان تعثر على قدرةٍ فعالة للتأثير في رأس الهرم. عند هذا الحدّ، يصبح الحديث عن احتمال سقوط تفاهم مار مخايل نوعاً من العبث السياسي، وتصبح عودة احتمال استيلاد المبادرات السياسية، متعاظمة في ظلّ "إعادة التدوير" الجارية بهدوء ومن خلف الكواليس لبنود التسوية الأخيرة المتهاوية.

عملياً، إن الحديث عن معاودة إنضاج التسوية يعني في الواقع، محاولةٌ لإنتاج حلّ شاملٍ للأزمة الحالية. ما هو دور الحزب والتيّار فيه، وتبعاً لذلك ما هو موقعهما في الحلّ المنشود، من أين يبدأ ومن أين ينتهي؟ للبحث صلة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...