"مغامرة" ماكرون: "حيث لا يجرؤ الآخرون"؟


 كتب جورج شاهين في "الجمهورية":

لم يكن من السهل فهم الظروف والمعطيات التي قادت الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى استخدام هاتفه الخليوي ليكون وسيلة الاتصال الثلاثي الأطراف الذي جمعه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وما تلاه من تعهدات ووعود متبادلة. فليس منطقياً ان تفتح استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي الطريق الى مثل هذه المغامرة التي قادها ماكرون في محطته الخليجية الثالثة، وهو ما ادّى الى التساؤل عن نوع السلاح السرّي المُستخدم وحجمه؟

حتى كتابة هذه السطور لم يتمكن عدد من الديبلوماسيين والسياسيين اللبنانيين التوغل والاسترسال في قراءة وتقييم النتائج التي انتهت إليها جولة ماكرون الخليجية، وما يمكن تحقيقه بالنسبة الى الأزمة الديبلوماسية بين الرياض وبعض دول مجلس التعاون الخليجي من جهة وبيروت من جهة أخرى. ولذلك ساد اعتقاد قوي انّ هناك مشاورات وتفاهمات عدة ما زالت خافية على كُثُر، وخصوصاً إن استذكر الجميع الإتصال الهاتفي الذي اجراه بنظيره الايراني ابراهيم رئيسي قبل يومين من الجولة الخليجية. لتُضاف نتائجه إلى ضرورة متابعة ما شهدته كواليس التحضيرات التي سبقت هذه الجولة، واستدعت أن يطلب ماكرون على عجل من رئيس الحكومة و»حزب الله» وتيار «المردة» استقالة قرداحي بأي ثمن. متمنياً ان يتحقق ذلك، ولو قبل ساعات قليلة من وصوله الى دولة الإمارات العربية المتحدة.

وعليه، فمنذ ان سقط خبر الإتصال الهاتفي عصر السبت الماضي من جدة برئيس الحكومة نجيب ميقاتي على اللبنانيين كـ «الصاعقة»، تفتحت العيون على ما حقّقه الرئيس الفرنسي من خرق في جدار الأزمة السميك في نهاية جولته. وما زاد من عنصر المفاجأة وصفه بأنّه من ضمن «مبادرة فرنسية ـ سعودية» لمعالجة الأزمة بين الرياض وبيروت. فبدأت عملية الترصّد والترقّب لحظة بلحظة، للتثبت من «صدقية» الخطوة التي لم تكن متوقعة ابداً بناءً على المعطيات الضئيلة التي كانت متوافرة من قبل.

وما هي إلّا دقائق قليلة حتى بدأ الشك، الذي ساد مختلف الأوساط السياسية والحكومية، يتراجع لمصلحة شيء من اليقين، وخصوصاً عندما قيل انّ ميقاتي كان الطرف الثالث في هذا الإتصال، الى جانب كل من الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي. وبقي الأمر موضع أخذ وردّ، الى ان كشف الرئيس الفرنسي وقائع التطورات الاخيرة من لقائه وولي العهد السعودي، في تغريدة له على موقعه الشخصي، إذ قال: «أجريت محادثات صريحة ومجدية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حول أولوياتنا السياسية». وفنّدها بالقول: «أمن المنطقة واستقرارها مع اعطاء الأولوية للبنان». وأضاف: «لقد أجرينا اتصالاً هاتفياً مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وقد جرى في خلاله تبادل الالتزامات».

وقبل ان ينقل عن ولي العهد السعودي قوله لميقاتي «نريد أن نفتح صفحة جديدة مع لبنان»، كان ماكرون قد أكّد في اول موقف علني له بعد انتهاء لقائه مع ولي العهد السعودي «انّ المملكة ولبنان يريدان الانخراط في شكل كامل من أجل إعادة تواصل العلاقة بينهما، بعد الخلاف الديبلوماسي الأخير». وأضاف: «اتفقت مع ولي العهد السعودي على إخراج لبنان من الأزمة والحفاظ على سيادته».

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...