ماذا ينتظرنا في العام 2022؟

 

أيام قليلة تفصلنا عن العام 2022، حيث يتطلَّع اللبنانيون الى هذا العام بقلق وارتياب وخوف مشروع من رزنامة الاشهر المقبلة التي تحمل استحقاقات كبيرة دستورية سياسية، مالية، وأمنية فهل ستحمل هذه السنة مفاجآت سارة تُعيد الأمل للبنانيين بغدٍ أفضل، أم انها ستكون امتداداً لسابقاتها في تراكم المصائب قبل انفجارها؟

الانتخابات النيابية الاستحقاق الأبرز

لعل ما يتطلَّع إليه اللبنانيون من تغيير موعود هو الانتخابات النيابية التي ستُجرى في أيار المقبل، كما هو متفق عليه بين الاطراف هذا الاستحقاق الأبرز، بالنسبة للبنان والخارج، يحمل الكثير من التغيير على مستوى التحالفات السياسية بين الاطراف التي قد تُعيد خلط الاوراق بين الكتل وتقلب الموازين، لا سيما إذا تمكّنت "المعارضة" من إسقاط الاكثرية النيابية التي يتحكم بها حزب الله وحلفاؤه وتُراهن عليه قوى الخارج الداعمة لتحالفاتٍ تضم أحزاباً حسمت قرارها وحملت مشروع إسقاط الاكثرية النيابية كمشروع كبير تطمح إلى تحقيقه.

ولاشك بأن تبعات السنوات الماضية، لا سيما بعد ثورة 17 تشرين، أفقدت الاحزاب الكثير من رصيدها، ويمكن القول ان الشارع السنّي على وجه التحديد دفع ثمن إخراج رئيس تيار المستقبل سعد الحريري من المعادلة السياسية بعد تعذّر تأليفه حكومة في سنة الـ 2021، وعزّز شعور "الضياع" السنّي تردّد المستقبل في اتخاذ القرار بشأن خوض الانتخابات النيابية مع سعد الحريري من عدمها، وانتظار مطلع العام الجديد لتحديد

وجهة سير التيار الازرق الذي يعاني من تخبّط كبير في الدوائر المحسوبة عليه في بيروت وصيدا والبقاع وصولاً الى طرابلس وعكار، في وقت تبرز اسماء سنّية تسعى الى وراثة الشارع المستقبلي وتعمل على منع حزب الله من استغلال هذا الفراغ لدعم أسماء سنّية محسوبة عليه تكسب في نهاية المطاف المعركة وتهزم القرار السنّي المستقبلي الى جانب المستقبل هناك التيار الوطني الحر، الذي دفع ثمن ممارسة السلطة، وشهد استقالة وانسحاب نواب من تكتل لبنان القوي المحسوب عليه وعلى العهد، وتراجعت شعبيته في الكثير من المناطق، واستغلت شخصيات مستقلة وبعضها منضوٍ تحت راية المجتمع المدني هذا الواقع فسَعَت الى خرق قواعد التيار، لا سيما تلك المتردّدة التي خذلها أداء بعض نواب التيار البرتقالي والتسويات التي رافقت العهد وأوصلت لبنان الى ما هو عليه اليوم، فبرأي هذه الشريحة يتحمل التيار جزءاً من المسؤولية ويحمل وزر تحالفه مع حزب الله الذي أجهض كل محاولات العهد بالكشف عن الفساد.

قوى واحزاب تراهن على الانتخابات النيابية، ويأتي حزب القوات اللبنانية في طليعتها كما المجتمع المدني، وهذا الاستحقاق سيُغيّر الكثير من المعادلات السياسية الداخلية، وقد يأتي بطبقة سياسية جديدة تفرض على الطرف الآخر تقديم تنازلات ما كان ليفعلها في الانتخابات الماضية حيث امتلك فيها الاكثرية النيابية.

مفاوضات صندوق النقد

لا أمل بإعادة الانتظام المالي في لبنان من دون العودة الى صندوق النقد الدولي وخضوع لبنان لشروطه، ليتم بعدها التوقيع على خارطة الطريق المالية التي سيُطبّقها الصندوق في لبنان وترتبط نتائج الانتخابات النيابية بهذا الامر، رغم تأكيد الحكومة بأن التوقيع سيكون قبل الانتخابات النيابية، الا ان ما يرشح عن المفاوضات والتعثّر الذي يواجهه الطرف المفاوض،

يشير الى ان التوقيع سيكون بعد الانتخابات التي ستحدّد أيضاً القوة التي سيكون بين يديها قرار التفاوض مع صندوق النقد، فأي فوز لتحالف حزب الله سيُصعِّب المهمة أمام صندوق النقد، لا سيما وأن الحزب يؤكد في تصريحاته أن المفاوضات لن تكون سهلة وأن الشروط ستدرسها الدولة قبل اتخاذ القرار بشأنها، في حين يؤكد الطرف الآخر أن باب الخلاص للبنان هو صندوق النقد وخطته الاقتصادية التي تحتاجها الدولة لإعادة التوازن الى مؤسساتها التي تنهار نتيجة السياسات المتبعة منذ عقود والناتجة عن المحاصصة والمحسوبية.

الانتخابات الرئاسية وأزمة الرئيس

في الحادي والثلاثين من تشرين الاول 2022 ينهي الرئيس ميشال عون ولايته الرئاسية التي امتدت ست سنوات يحدّد مجلس النواب الجديد، في حال سارت الامور كما هو معلن وأُجريَت الانتخابات النيابية، هوية الرئيس الجديد حزب الله الساعي الى أكثرية الثلثين يعمل على كسب الجولة الاولى من معركة امتلاكه السلطة عبر مجلس النواب، ليكمل الفوز بتحديد هوية الرئيس اللبناني الجديد الذي يريده صورة طبق الاصل عن المحور الذي يمثله، وفي المقابل تلعب التطورات الخارجية، ولا سيما مصير الاتفاق النووي الايراني ومسار التفاوض السعودي الإيراني، دوراً بارزاً في التوافق على رئيس للجمهورية اللبنانية، وفي حال اتجهت الامور الى تصعيد فقد نذهب الى فراغ رئاسي طويل ريثما يتم التوافق على صيغة جديدة للبنان، وهذا الامر مرتبط بمسار الاحداث في الاقليم والمنطقة.

تعيينات عسكرية وأمنية

في سنة الـ 2022 يُنهي قائد الجيش العماد جوزاف عون أربع سنوات في قيادة الجيش. الرجل الذي ترك بصمة في المؤسسة وكان اسمه محور توافق بين الاطراف في الداخل والخارج، يُحال الى التقاعد لبلوغه السن القانونية في وظيفته وتبرز اهمية المؤسسة العسكرية نظراً للمهمات المنوطة بقيادتها والمسؤوليات التي تتحملها في ادارة الدفة الأمنية والعسكرية في البلاد. 

وبدأت بورصة الاسماء تتحرك وقد تردد اسم مدير المخابرات الحالي العميد طوني قهوجي واسم قائد قطاع جنوب الليطاني العميد مارون القبياتي كمرشحين محتملين لقيادة الجيش اضافة الى اسماء أُخرى ومما لا شك فيه بأن القائد الجديد للجيش اللبناني سيحمل مسؤولية كبيرة بعد أن وضع العماد جوزاف عون الخطوط العريضة والصحيحة لهذه المؤسسة، وعلى من يخلفه أن يكمل مسيرة سلفه الذي زرع بذور البناء داخل المؤسسة التي لا تزال ضامنة لوحدة اللبنانيين.لبنان العام 2022 يقف على مفترق طرق، وتحدّد الاستحقاقات الاساسية المقبلة وجهة البلاد العام المقبل سيحمل الكثير من التغيّرات على مستوى العلاقة بين السلطة والمواطن وسيلعب العامل الخارجي دوراً كبيراً في أي تغيير قد نشهده.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...