لهذه الأسباب.. أميركا تتمسّك بلبنان!


كتبت داني كرشي في "ليبانون نيو": 

منذ إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، واًصوات الغربان تحوم فوقها، للتأكيد بانها لن تفلح بحلّ أي ملف. 

ومع إندلاع الأزمات القضائية والدبلوماسية، كثرة التحاليل والمشادات الكلامية المؤكدة بأن سقوط حكومة نجيب ميقاتي اقترب إلى حد كبير. 

إلا أن المواقف الدوليّة كانت معاكسة تماما عن تلك الصادرة من الأطراف المشكلة والمعارضة لهذه الحكومة، وهو ما ساهم ببقائها والحفاظ على استقرارها نسبيا. 

واللافت هذه المرة، هو دعم الولايات المتحدة الأميركية لميقاتي وحكومته. وهو موقف مغاير عما كان عليه، إبّان حكومة الرئيس السابق حسان دياب. والدليل كلامُ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بهذا الشأن، وتشديده على استمرار واشنطن بدعم لبنان وحكومته لتأمين الاستقرار اللازم، منعا لانهيار النظام المالي والاقتصادي بشكل كامل. 

وبحسب القراءات الإقليمية والدولية، فإن الالتفاف الأميركي حول الحكومة يحمل في طياته أبعادا جيوسياسية، أكثر مما هي محلية، لأن الحسابات التي يتم المراهنة عليها أكبر بكثير وأبعد من لبنان.

فبالنسبة لواشنطن، المصلجة اليوم تقتصي بتثبيت الاستقرار الأمني نسبيا في المنطقة، منعا انزلاقها باتجاه اشتعال الحرب، في هذه المرحلة الحساسة، والمليئة بالتحديات الاقليمية والدولية. 

ومن هذا المنطلق، تعتبر واشنطن أن أمن لبنان يُمكن المحافظة عليه، عن طريق إبقاء حكومته الجديدة، وهو ما يُفسّر دعمها الغريب لميقاتي، لأن ترى فيه الرجل المناسب لتحدّي حزب الله. 

كما أن دعمها للجيش اللبناني، يُعد من أهم النقاط التي تعمل الإدارة الأميركية عليها، باعتبار أن تماسكَ الجيش اللبناني، هو الضمانة الأساسية لكبح نفوذ حزب الله العسكري، على الأراضي اللبنانية، ما يُخفف خطر توسّع رقعة الاصطدامات بين الحزب وإسرائيل.

طبعا، لا بد من الإشارة إلى أن حماية الولايات المتحدة للبنان بمؤسساته وشعبه وجيشه، ليس محبّة بهذا البلد، إنما مع هذا، لحماية مصالحها في الشرق الأوسط، وعدم التفريط مهما كلّف الثمن. 

فكل همّ الإدارة الأميركية اليوم، منع ايران من التمدّد أكثر وتوسيع نفوذها باتجاه لبنان والعراق، خصوصا وأن الرؤية لم تتوضح بعد بشأن المفاوضات غير المباشرة حول ملف البرنامج النووي، وما إن كانت الجلسة التي ستُعقد في 29 من الشهر الجاري، ستأتي بثمار جيدة. 

ولا بد من الالتفات أيضا، بشأن الصراع الجديد بين روسيا وأميركا، في الشرق الأوسط.

 فإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تريدُ أن تخسر الرهان في الشرق الأوسط أمام موسكو، وترفض إعطاء الدول الغربية الحق بالاستثمارات الاقتصادية في المنطقة، من دون أن يكون لها الحصة الأكبر بها. 

والدلائل على ذلك كثيرة: 

أولا، تأجيل الانسحاب العسكري من العراق، خصوصا بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. 

ثانيا، التمسّك بحكومة لبنان وجيشه وشعبه، للحفاظ على أمن الحدود، لمنع تشكيل جبهات عسكرية، قد تضرب مصالحها وأمن حليفها الإسرائيلي. 

ثالثا، الهدوء وعدم التصعيد إزاء الانفتاح العربي باتجاه سوريا، والاكتفاء ببعض البيانات العادية المناهضة لهذه التحركات تجاه النظام. 

وكل ذلك، لبسط الهدوء والاستقرار النسبي في المنطقة، خصوصا بعدما أدى الانسحاب الأميركي من أفغانستان من هزات سياسية للإدارة الأميركية، بعدما وُجّهت أصابع الإتهام إلى إدارة بايدن، ووصف المحور الممانع لها، بالحليف الخائن. 

من هنا، يبدو أن التمسك الأميركي بلبنان، والعراق أيضا، يأتي كتعويض عن خسارتها في أفغانستان من جهة، وللمحافظة على نفوذها في الشرق الأوسط، لمنع حدوث أي اهتزازات أخرى.

وأمام ما تقدم، بات واضحا أن تمسّك الولايات المتحدة بعناصر الاستقرار اللبناني، من شعب وحكومة وجيش، ما هي إلا لضمان مصلحتها، باعتبار أن لبنان هو صمّام الأمان، الفادر على بلورة مرحلة المواجهة المقبلة مع ايران من جهة، ولقطع أي نفوذ روسي متعاظم، وحتى صيني، في الشرق الأوسط.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...