إذا إستمرّ تعطيل عمل الحكومة... سيناريوهات عدة أحلاها مرّ!


 لم تشهد الحكومات المُتعاقبة في لبنان منذ العام 2005 وحتى يومنا هذا أي ثبات سياسي بحسب البيانات التاريخية. فتراكم الأحداث من إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى الأزمة مع دول الخليج مرورًا بعدوان تموز 2006، وأحداث 7 أيار، والفراغ الرئاسي، وبدء الأزمة السورية، وتفجيرات العامين 2013 و2014، والفراغ الرئاسي الثاني، وحادثة قبرشمون، وإحتجاجات 17 تشرين، وجريمة مرفأ بيروت، وأحداث الطيونة… كل هذه الأزمات ربطت الإقتصاد بالأحداث السياسية والأمنية وجعلت المواطن اللبناني يدفع ثمن عدم الثبات هذا سواء من حياته (جريمة المرفأ مثلًا) أو من مستوى معيشته (ضرب القدرة الشرائية وفلتان سعر الدولار مثلًا). وبالتالي يُعتبر غياب الثبات السياسي عنصرًا أساسيًا في الوضع المأساوي الذي وصل إليه المواطن اللبناني.

الأزمة الحالية التي تعصف بالحكومة والتي تُرجمت بتعطيلها، لها بعدان: أحدهما مُتعلّق بتحقيقات جريمة مرفأ بيروت، والآخر مُتعلّق بتصريحات الوزير جورج قرداحي. وتُشير تصريحات المسؤولين إلى أن الأزمة مُرشحة إلى الإستمرار إلى آمدٍ غير معروف خصوصًا أن البعض أصبح يُشكّك حتى بحصول الإنتخابات النيابية في الفصل الأول من العام المقبل.

عمليًا، هذا التعطيل سينسحب على الواقع الإقتصادي والمعيشي خصوصًا أن عملية تآكل الليرة اللبنانية ما زال مُستمرة أمام سوق سوداء – لا يُمكن القول عنها إلا أنها الفساد بحد ذاته – وأمام إحتكار وتهريب مُستمرين على قدم وساق وغياب أي إجراء من حكومة الرئيس ميقاتي تجاه هذا الواقع الآليم، وكأنه إستمرار لسيناريو حكومة تصريف الأعمال السابقة، فإن ترجمة هذا الواقع الأليم سيكون على عدّة مستويات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:


أولًا – الإستمرار في طبع العملة لتغطية عجز الموازنة ولتأمين السيولة المطلوبة للسوق في القطاعين العام والخاص، وهو ما يُشكّل خسائر يتحمّلها كل المواطنين اللبنانيين سواء بتردّي مستوى معيشتهم أو من خلال فقدان قيمة مدخراتهم وودائعهم؛

ثانيًا – زيادة نسبة الفقر المتصاعدة بشكل خطير مع ضرب لهيكلية المُجتمع اللبناني خصوصًا الطبقة المتوسطّة التي إضمّحلّت لصالح الطبقة الفقيرة. وإذا كان المسؤولون يتغاضون في تصريحاتهم عن واقع الفقر، إلا أن تقرير الإسكوا الأخير أشار بكل وضوح إلى أن 40% من الأسر اللبنانية تعيش في فقر مُدّقع (أقلّ من 1.9 دولار أميركي في اليوم للفرد)، وأكثر من 70% من الأسر في فقر عام، و82% من الأسر في فقر عام إذا ما أخذنا الأبعاد الصحية والتعليمية؛

ثالثًا – إضعاف موقف لبنان في ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي ينتظر الحكومة لبدء هذه المفاوضات. هذا الضعف يأتي من فقدان المصداقية في تنفيذ الوعود من قبل لبنان ولكن أيضًا من باب زيادة الخسائر التي تُترّجم بالدرجة الأولى في التضخّم!

رابعًا – هجرة العنصر الشبابي والذي يُشكّل حجر الزاوية في أي عملية تعاف مرتقب أو نهوض للبنان حيث أن هذه الهجرة ستحرم الماكينة الإقتصادية من أهم عامل فيها وهو اليد العاملة الكفوءة عملًا بمُعادلة كوب-دوغلاس المتعلقة بالناتج المحلي والمرتبطة بعوامل ثلاثة، رأس المال، والعمالة، والتطور التكنولوجي (Output=f[K,L,T])؛

خامسًا – فقدان لبنان لمكانته الإستراتيجية لصالح بعض الدول المُجاورة على حساب لبنان وهو ما سيكون له تداعياته على صعيد الماكينة الإقتصادية؛

سادسًا – التأخير في عملية إستخراج الغاز الطبيعي القابع في المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان مع ما لذلك من تداعيات على صعيد الإنماء المُتوقّع من عملية الإستخراج هذه؛

سابعًا – إنسحاب للإستثمارات الأجنبية المباشرة من لبنان وهو ما يُشكّل ضربة للمواطن اللبناني قبل كل شيء على مثال شركات الأدوية في لبنان أو غيرها، بالإضافة إلى إنسحاب الإستثمارات المالية الأجنبية (إذا ما إستطاعت!).

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...