هل ينتصر فرنجية على عون من بوابة السعودية؟


بعد تقارب لفترة زمنية قصيرة نسبياً، افترق شمل النائب سليمان فرنجية والنائب ميشال عون، وسلك كل منهما درباً مختلفاً، رغم ان الرؤية السياسية الخارجية والعامة كانت موحّدة، ناهيك عن بعض التحالفات الرئيسية. ومع تولي عون مهام رئاسة الجمهورية، زاد الشرخ وتوسع مع انضمام النائب جبران باسيل الى الحلقة. 

اليوم، برز صراع غير مباشر بين الرجلين من جديد، ولكن ظروفه مختلفة تماماً، الا ان القاسم المشترك فيه هو المملكة العربية السعودية. 

منذ ستة اشهر، تقدم وزير الخارجية في حينه شربل وهبه باستقالته على خلفية استهدافه السعوديّة في مقابلة تلفزيونية، لم تلقَ الكثير من الهجوم والكلام اللاذع من مسؤولين رسميين سعوديين وخليجيين، ولكن المؤشّرات كانت واضحة بوجوب ابعاد وهبه من الصورة كي لا تتعقد العلاقات بين لبنان والسعودية اكثر مما كانت معقّدة.

اليوم، قامت الدنيا على خلفية الكلام الذي صدر عن الاعلامي (آنذاك) والوزير (حالياً) جورج قرداحي عن استهدافه للسعودية والخليج في مقابلة "شبابيّة"، وتجيّشت كل الدول العربية والخليجية للاحتجاج والمطالبة بتقديم الاعتذار وصولاً الى الاستقالة، مع فارق اساسي وهو انه لم تظهر احتجاجات داخلية على الامر كما حصل مع الوزير السابق وهبه، واقتصرت الامور على المواقف فقط.

ليس سراً ان وهبة كان من المسحوبين على رئيس الجمهورية، كما انه ليس سراً ايضاً ان وزير الاعلام الحالي جورج قرداحي محسوب على فرنجية، لذلك، يمكن القول ان الكثيرين يترقبون ما ستسفر عنه الايام المقبلة في هذا السياق، ووضعوها في خانة المواجهة غير المباشرة بين الرجلين، فإما ان ينتصر فرنجية ببقاء قرداحي في منصبه وطي الصفحة، واما ان يتعادل مع عون اذا ما خرج الوزير من التشكيلة الحكومية. ولكن المعطيات تشير الى ان الاحتمال الاول هو الاكثر ترجيحاً لاسباب داخلية وخارجية. فالحكومة اليوم تحتاج الى بقاء كل المشاركين فيها، وهي تترنح على وقع الضربات التي تتلقاها من هنا وهناك، وبالتالي تمسّكها بكل طرف فيها ضروري بالنسبة اليها، اما امكان استبدال قرداحي بممثل آخر لفرنجية، فهو وارد طبعاً لكنه يعتبر بمثابة "تراجع" من قبله وحلفائه وفي مقدمهم حزب الله، وهذا ما يراهن عليه قرداحي وفرنجية معاً حيث وضع وزير الاعلام استقالته من عدمها عند مجلس الوزراء وليس عند أي شخص او مكان آخر، وهي خطوة تحمل دلالاتها السياسية مع التسليم بأنّها صحيحة من حيث المبدأ.

الامر الثاني الذي يصب في خانة التهدئة وعدم التصعيد، يكمن في ان السعودية وايران دخلا في سكة التفاوض بشكل علني، فيما تستأنف المفاوضات بين ايران والدول الكبرى الشهر المقبل، ما يوحي بأن التصعيد يتراجع ولا حاجة الى زيادة وتيرته في لبنان، وهو واقع يجدر التوقف عنده قد يكون السبب الرئيسي وراء عدم اعتذار قرداحي او فرنجية، واكتفاء كل منهما بتقديم "التوضحيات"، فيما امل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من قصر بعبدا ان تكون المسألة قد "طويت". من المؤكد ان اي اتفاق بين الرياض وطهران من شأنه ان ينعكس ايجاباً على لبنان، ولكن حتى ذلك الحين، من المبكر القول ان رفع سقف الشروط لكل من الطرفين سيكون مسرحه لبنان، اذ ان اليمن لا يزال ارضاً خصبة للمواجهة وهو الاكثر اهميّة بالنسبة الى السعوديّة التي ترتبط به جغرافياً وسياسياً وحتى عسكرياً، وبالتالي فإن كسب النقاط هناك اهم بكثير من كسبها في لبنان. هذا لا يعني أن المملكة اسقطت الورقة اللبنانية وسلمتها، ولكن السلطات السعودية تلعب كل اوراقها وتعتمد على الورقة اليمنيّة بشكل خاص للتخلص من مشكلة مهمة وكبيرة القيت على عاتقها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...