وأظهرت التحقيقات نقل أسلحة حربية وانتقال مجموعات مسلحة من معراب، على رأسها مسؤول الأمن في معراب سيمون مسلّم للاستطلاع والإشراف على المواجهة التي وقعتأرفق المحققون في استخبارات الجيش ملف التحقيقات المؤلف من نحو 100 صفحة بفيديو يُظهر بداية الإشكال الذي وقع في 14 تشرين الأول، عندما دعت حركة أمل وحزب الله إلى تظاهرة في محيط قصر العدل للتنديد باستنسابية المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار يوضح الفيديو كيف بدأ الإشكال بين متظاهرين والمدعو جيلبير ماراسيديان.
إذ ظهر الأخير يتوجّه بمفرده غاضباً نحو المتظاهرين الذين كانوا يمرّون في الشارع الرئيسي في طريقهم إلى قصر العدل أعقب ذلك شتائم وتلاسن، ودخول عدد كبير من المتظاهرين إلى الشارع حيث أوسعوه ضرباً وأسقطوه أرضاً.
تلت ذلك أعمال شغب وتكسير، قبل أن يتطور الموقف الى احتكاك مباشر مع مجموعات من «القوات اللبنانية» التي كانت تنتشر عند تقاطع الفرير، بإشراف من مسؤول الأمن في معراب سيمون مسلّم الذي تشير محاضر التحقيق إلى أنه انتقل مع عشرات الأشخاص في الليلة السابقة لوقوع المجزرة، واستطلع المكان برفقة المسؤول العسكري في عين الرمانة إلياس نخلة.
كذلك تضمّن التحقيق فيديو آخر لسيارة من طراز «كيا» يملكها نبيل داود، يظهر لحظة ترجّل كل من إلياس نخلة وإدغار رزق وسلام أبو نقولا وتوجّههم نحو صندوق السيارة مع أشخاص آخرين، من بينهم سيمون مسلّم المقرّب من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع.
وأخرج هؤلاء من الصندوق بندقيتَي كلاشنيكوف سلّموهما لآخرين. كما جمع المحققون مقاطع فيديو مصورة من كاميرات مراقبة ووسائل التواصل الاجتماعي تضمنت صور مسلحين وعمليات رمي حجارة وتحطيم ممتلكات، وصوراً لأشخاص من الطرفين يطلقون النار، وتظهر لحظة إصابة الشهيد حسن مشيك، وإلى جانبه المصاب عباس زعيتر، فيما تعذّر تحديد مكان سقوط الشهيد حسن نعمة.
وبحسب محاضر التحقيق، أوقفت استخبارات الجيش كلاً من: نسيم توما (مواليد 2000) ورودريك توما (مواليد 1991) وجورج توما (مواليد 1967) للاشتباه في علاقتهم بحادثة الطيونة، وجمعت إفادات لعدد من الموقوفين؛ من بينها:إ
المسؤول العسكري للقوات اللبنانية في عين الرمانة
أوقفت مديرية المخابرات إلياس نخلة (مواليد 1964) ونبيل داود (عام 1964) اللذين عثر بحوزتهما على كاميرا وجهاز لاسلكي وبوكس حديدي وسكين وعلبة خردق عيار405 ملم وحربة.
روى الياس أنه انتمى إلى حزب القوات اللبنانية منذ بدايات تأسيسه في عام 1981 ولغاية تاريخه، وتابع معه دورات عسكرية وتدرج في الرتب فيه وذكر أنه يقوم حالياً بوظيفة مسؤول انضباط عين الرمانة ونائب رئيس مركز الشياح والمسؤول العسكري في المنطقة ومسؤول عن 40عنصراً.
أما الموقوف جورج توما فقد أفاد ــــ ودائماً بحسب محاضر التحقيقات ــــ «أنني أنتمي إلى القوات اللبنانية منذ كان عمري 14عاماً، وشاركت في العديد من مخيمات التدريب، وأنا من ضمن عناصر القوات في عين الرمانة، والمسؤول عن المكتب هو بيار معوض ومعاونه الياس نخلة، وهو المسؤول المباشر على الأرض، أي المسؤول العسكري في المنطقة ويوجد عدة أعضاء بالمكتب هم جورج سماحة وسليم الحلو مسؤول الحشد وآخرون لا أعرف أسماءهم».
وذكر توما أنّه على «إثر الخلافات السياسية على القاضي طارق البيطار والتحضير لمظاهرات تندد به وتدعو إلى إقالته، خرج الدكتور سمير جعجع عبر الإعلام في الليلة السابقة للتظاهرة متحدثاً عن شارع مقابل شارع وسمعت عن حمايته القاضي البيطار وأثناء وجودي في المحل، حضر رئيس مركز القوات بيار معوض واشترى بعض الحاجيات، وطلب مني الحضور إلى المكتب لحضور اجتماع للحزب، وأنّ الياس نخلة سيخبرنا عن المطلوب منا.
إفادة رودريك توما
الإفادة الثالثة التي وردت في محاضر تحقيقات مخابرات الجيش تخص المدعو رودريك توما، الذي قال: «لدى سماعي تصريحات الدكتور جعجع على وسائل الإعلام في 13 تشرين الأول حيث طلب النزول إلى الشارع تحسباً للمظاهرة التي سينفذها حزب الله وحركة أمل ضد القاضي بيطار بهدف إقالته، وللدفاع عن المنطقة في حال تعرّض لها المتظاهرون.
وفي الصباح تواصلت مع والدتي التي طلبت مني الحضور سريعاً إلى المنزل لمشاهدتها متظاهرين متوجهين إلى داخل عين الرمانة. وعلى الفور، توجهت بواسطة دراجتي النارية إلى محلات body chika حيث شاهدت هناك كلاً من رودني أسود ونجيب حاتم وشكري بو صعب بحوزتهم أسلحة حربية وإلى جانبهم مختار عين الرمانة إيلي قيصر وحوالى ثلاثين شخصاً من عين الرمانة بعضهم ملثم ومرتدون اللباس الأسود، وأغلبيتهم بحوزتهم أسلحة حربية وشقيقي نسيم ووالدي جورج برفقتهم» ونفى أن يكون قد شاهد مطلقي النار من عين الرمانة، إنما «شاهدت الكثيرين ممن يحملون أسلحة حربية فقط».
إفادة نسيم توما
أما نسيم توما، الذي سبق أن أوقف سابقاً بجرائم إشكال وتضارب، فقد أفاد أمام محققي المخابرات بأنّه مؤيد لحزب القوات، وأنه علم من والده المنتسب إلى الحزب منذ زمن طويل أنّ الوضع الأمني خطير وهناك تخوف من دخول عناصر من حزب الله وحركة أمل إلى عين الرمانة، وذكر أنّ المسؤول العسكري للقوات في عين الرمانة طلب من الحاضرين في الاجتماع أن يكونوا على جهوزية تامة في الشوارع الداخلية وأنّ «مجموعات أمن معراب سوف تقوم بالتنسيق مع الجيش اللبناني لمنع المتظاهرين من الدخول إلى عين الرمانة»، مضيفاً إنه انتقل إلى فرن الشباك، شارع سيدة لورد، بواسطة دراجته النارية قرب مدرسة الفرير حيث «يوجد هناك عدد من أمن معراب بحوزتهم أسلحة حربية، عندها وصل المتظاهرون وحاولوا الدخول إلى المنطقة بالقرب من الشارع العريض وبدأ تكسير زجاج السيارات ورمي الحجارة من المتظاهرين.
فعدت إلى مركز صنين وأخبرتهم ما يحدث في شارع سيدة لورد، وتناولت بندقيتي الحربية من نوع بومب أكشن ووضعتها في الجيب وكان بحوزة والدي بندقية بومب أكشن أحضرها من المنزل.
في هذه الأثناء اتصل إيلي نخلة بوالدي، وأبلغه بوجوب الانتقال إلى الفرير ولدى وصولنا شاهدت شخصين على الأرض هما إيلي طوق وإدي عبد الله، وكان عناصر أمن معراب يطلقون النار باتجاه الطريق المؤدي إلى العدلية. فتناولت بندقيتي وأطلقت النار في الهواء وأطلق والدي النار».
إفادة جيلبير ماراسيديان
أوقفت مديرية المخابرات جيلبير سيمون ماراسيديان (مواليد 1966) للاشتباه بمشاركته في الأحداث. وهو الرجل الذي توجّه غاضباً نحو المتظاهرين الذين كانوا في طريقهم إلى قصر العدل وقال ماراسيديان للمحقق: «أفيدكم بأنني كنت منظماً في القوات اللبنانية سابقاً، وتركتها منذ 30 سنة لاعتبار بعض عناصر القوات أنني أرمني ولست لبنانياً».
وذكر أنّه كان يرتشف القهوة في عين الرمانة صباحاً، وأثناء وجوده في محل يعمل فيه شقيقه، «كنت أشاهد تجمعاً من الشبان في آخر الشارع من مؤيدي القوات اللبنانية ومن منطقة عين الرمانة، وبنفس الوقت كان متظاهرون يعبرون الشارع الرئيسي باتجاه قصر العدل وفجأة توقف عدد من الشبان وحصل تبادل للشتائم بين المتظاهرين وبين الشبان في الطريق الداخلية لعين الرمانة والذين كان بعضهم يحمل عصياً».
وذكر أنّ الشتائم كانت لرئيس حزب القوات قبل أن تتطور إلى شتائم طائفية حيث ما لبث أن دخل جزء من المتظاهرين الشارع وبدأوا بضرب الشبان القادمين من داخل عين الرمانة وذكر أنّه تعرض للضرب من قبل المتظاهرين، وأنّه لم يُشاهد أياً من المسلحين أو مطلقي النار، إنما شاهد شباناً من المتظاهرين «يضعون مسدسات على وسطهم».
وأضاف أنّ المجموعة التي كانت محتشدة بالقرب من تمثال سيدة لورد، بدأت تطلق هتافات طائفية وحزبية رداً على هتافات المتظاهرين. وذكر أنّ ذلك استفزّ الشبان الذين ردوا بالمثل على الشتائم، ما استفزّ المتظاهرين الذين دخلوا إلى الشارع وبدأوا اعتداءاتهم.
إفادة نبيل داود
الموقوف محمد محسن (مواليد 1995) موظف في مطار بيروت، أبلغ محققي المخابرات أنه مسؤول مجموعة تضم حوالى عشرين شخصاً تابعين لحركة أمل، وتكلّف بتأمين الحماية لنشاطات الحركة والتظاهرات «وقد كُلّفت بالمشاركة مع المجموعة بتنظيم الوقفة الاحتجاجية على قرارات القاضي بيطار بغية تنحيته وقد انتقلت نهار التظاهرة من منزلي إلى محيط قصر العدل على متن دراجتي النارية وبحوزتي مسدس حربي عائد للحركة استلمته منذ عدة سنوات ويبقى في حوزتي أو في مكتب الحركة.
محمد المصطفى (مواليد 1995) يعمل ناطوراً لمبنى «بدارو 9»، أبلغ المحققين أنه «يوم التظاهرة، استيقظت من النوم بتمام الساعة 8 صباحاً حيث حضر عمال الورشة في البناء الذي أقيم فيه وعند الساعة الحادية عشرة صباحاً بدأ المتظاهرون يعبرون الطريق العام من مستديرة الطيونة باتجاه العدلية مروراً بشارع سامي الصلح. وكنت أشاهد ذلك بالعين المجرّدة وأراقب ما يحدث من أمام المبنى الذي أقيم فيه وما هي إلا دقائق قليلة حتى بدأت أسمع أصوات إطلاق نار، وبدأ المتظاهرون يتراجعون مسرعين باتجاه مستديرة الطيونة.
عندها طلبت من العمال البالغ عددهم 15 الاختباء في الطابق الأول وبعد حوالى نصف ساعة، طُلب مني التوجه لمقابلة آمر دورية عسكرية وتم سؤالي عن الشخص الذي كان يُطلق التار من على سطح المبنى الذي أعمل فيه كناطور فأخبرتهم أنني لم أشاهد أحداً نهائياً وأعلمته أنه يوجد كاميرات مراقبة على كل جوانب المبنى ترصد الداخل والخارج إلى المبنى».
إفادة السوري جاسم المصطفى
كرر السوري جاسم المصطفى (مواليد 1990) الذي يعمل ناطوراً في مبنى «بدارو 4» الرواية نفسها لجهة سماعه صوت إطلاق نار في شارع سامي الصلح قبل أن يزداد صوت الرصاص، مشيراً إلى أنّ معظم سكان البناية نزلوا إلى المدخل خوفاً من الرصاص الطائش الذي بدأ يُصيب المبنى. وذكر أنّه زوّد الجيش بمضمون كاميرات المراقبة.
إفادة محمد الآغامحمد الآغا (مواليد 1990)، وهو سائق سيارة أجرة يقيم في طرابلس، أبلغ المحققين أنّه كان في زيارة والدته المقيمة في الرمل العالي حيث التقى بكل من سلطان عكر وأسامة فضل الله وشقيقه رامي الذين طلبوا منه المشاركة معهم في التظاهرة التي دعا إليها حزب الله وحركة أمل، «فوافقت على ذلك.
وذكر أنّه لدى وصولهم كان هناك إطلاق نار فتفرقوا ليدخل في أحد الزواريب خلف فصيلة الدرك وصولاً إلى الشارع العام وذكر أنّه وقف قرب سيارات الدفاع المدني والإعلاميين حيث شاهد شخصاً يحمل قذيفة أر بي جي يسقط أرضاً.
وعندما حاول عناصر الدفاع المدني سحبه لم يستطيعوا بسبب كثافة النيران عندها تقدم لسحبه ولحق به آخرون ونقلوه إلى سيارة الدفاع المدني وأضاف أنّه علم أنّ هناك سيدات حوصرن في أحد الأبنية السكنية، فتوجه برفقة شبان من الدفاع المدني لسحبهن وأعطى الآغا أسماء شبان كانت في حوزتهم بنادق حربية بدأوا بإطلاق النار بالقرب من غاليري الموسوي. واعترف بأنّه يدخن حشيشة الكيف منذ خمس سنوات، ويحصل عليها من مخيم شاتيلا مقابل 15 ألف ليرة لكل خمس سجائر.
تسلسل الأحداث
ــــ مساء 13 تشرين الأول 2021عقدت اجتماعات في مراكز القوات اللبنانية في عين الرمانة وتم التعميم على العناصر وجوب البقاء على جهوزية وعدم الذهاب إلى أعمالهم.
ــــ صباح 14 تشرين الأول 2021، اعتباراً من السادسة والنصف صباحاً، توزع عناصر القوات اللبنانية أمام المراكز في نحو سبع نقاط أساسية تمّ تحديدها.
ــــ اعتباراً من التاسعة صباحاً بدأ المتظاهرون بالتجمع عند مستديرة الطيونة، وحوالى الساعة 10:30 حاولت مجموعة منهم الدخول من مفرق OMT إلى عين الرمانة.
ــــ عند الساعة 10:39حاولت مجموعة من المتظاهرين الدخول إلى الشارع 98، حيث تقدم نحوها المدعو جيلبير سيمون مارسيديان الذي تعرّض للضرب، ما سبّب توجه المتظاهرين مباشرة نحو تجمع القوات حيث بدأ الصدام، وتطور إلى تكسير وأعمال شغب وتراشق بالحجارة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ المحضر يورد إفادة شاهد من سكان عين الرمانة يذكر أنّ الرجل الغاضب بادر بالتوجه نحو المتظاهرين أثناء مرورهم ليقع تلاسن، قبل أن يدخلوا إلى الشارع ويعتدوا عليه بالضرب ثم يبدأ الصدام.
ــــ عند الساعة ١٠:٥٠ أصيب وقتل على الفور حسن مشيك. كما أصيب آخرون من الطرفين.
ــــ بعد دقائق، أصيب حسين جميل نعمة وقتل على الفور.
ــــ عند الساعة ١١:٠٠ بدأت قوة من فوج المغاوير بالتحرك من العدلية باتجاه الطيونة حيث أجبرت المتظاهرين والمسلحين على التراجع باتجاه الشياح.
ــــ عند الساعة ١٢:٠٩ أصدرت قيادة الجيش بياناً حذرت فيه من أنّ الوحدات المنتشرة سوف تطلق النار باتجاه أي مسلح يوجد على الطرقات وعلى أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر، وطلبت من المدنيين إخلاء الشوارع.
ــــ عند الساعة ١٣:٣٦ أطلق أحد عسكريي فوج المغاوير النار باتجاه المتظاهرين ومسلحين في منطقة الشياح على أثر إشكال بين مجموعته وعدد من المسلحين، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص وانسحاب مجموعة المغاوير.
ــــ حوالي الساعة ١٣:٤٥ قُتل محمد السيد أثناء محاولته إطلاق قذيفة ب ٧.
رضوان مرتضى - الاخبار