لعيون غادة: الرئيس عون يقرّع الجميع... وفهمي يردّ


 آخر موضة في بعبدا: "اجتماع أمني"، هو هجين، لا هو اجتماع للحكومة، ولا هو اجتماع وزاري، من تلك الاجتماعات التي يحضر فيها رئيس الحكومة حسّان دياب كما لو أنّه وزير بلا حقيبة ولا صلاحيات، ولا هو اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع، الذي يحضره مدراء عامون وقادة الأجهزة الأمنية ووزراء.. والأهم: مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.

والموضة الجديدة كان لها هدف واحد: تقريع الأجهزة الأمنية وتهديدها وهزّ العصا لها، والدفاع عن تمرّد مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون على رؤسائها المباشرين، وعلى أعلى سلطة قضائية في لبنان: مجلس القضاء الأعلى، لكن في غياب عويدات. وبالتالي كان "الاجتماع الأمني" بدلاً من "المجلس الأعلى للدفاع". لأنّ رئيس الجمهورية لا يريد رؤيته، باعتباره "غريم" غادة عون، وباعتباره ممثلاً لمجلس القضاء الأعلى، الذي اتخذ قراراً حاسما بكفّ يد غادة عون عن الملفات المهمة، وأبرزها المالية، وأصرّت هي في المقابل على التمرّد على هذا القرار.

اجتماع الربع ساعة، جمع فيه رئيس الجمهورية ميشال عون نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، ووزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، وقائد الجيش العماد جوزف عون، ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، ومساعد مدير عام أمن الدولة العميد سمير سنان، ومدير المخابرات العميد أنطوان قهوجي، ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد خالد حمود، ومدير المعلومات في المديرية العامة للأمن العام العقيد يوسف المدور.

دخل عليهم عون، وألقى كلمة أكّد خلالها أنّه طلب من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود، قبل أيام من بدء المشكلة يوم الجمعة الفائت، أن "طبّقوا القانون". وتابع الرئيس أنّ "تصرّف قوى الأمن مع المحيطين لم يكن متوافقاً مع حرية التعبير"، منتقداً قوى الأمن الداخلي بشدّة.

الموضة الجديدة كان لها هدف واحد: تقريع الأجهزة الأمنية وتهديدها وهزّ العصا لها، والدفاع عن تمرّد مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون على رؤسائها المباشرين، وعلى أعلى سلطة قضائية في لبنان

لم يردّ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، فأخذ الكلام هنا وزير الداخلية وتوجّه إلى الرئيس عون بالقول: "وردتنا شكوى رسمية من ميشال مكتّف، ونحن من ضمن مسؤولياتنا حفظ الأمن والنظام، ولا نستطيع التقصير في هذا الجانب، ومن ضمن مسؤولياتنا حماية المؤسسات العامة والخاصّة، وحين يكسر طرف ما أبواب مؤسسة خاصة فنحن مجبرون على التحرّك كقوى أمنية، وكلنا شاهدنا ما جرى على شاشات التلفزيون". فراح الرئيس عون يضحك، بمعنى أنّه لا يوافق وموحياً أنّ كلام فهمي، الدقيق عملانياً وقانونياً، لا يناسبه سياسياً.

يروي أحد العاملين في شركة مكتّف، أنّ غادة عون نسيت هاتفها في غرفة جانبية، وتوجّهت إلى غرفة أخرى، فأمسك به هذا العامل، وقادته الحشرية إلى فتحه، فوجد أنّها تواصلت مع رقم باسم "Lebanese Presidency" سبع مرّات خلال المداهمة، ومع قاضية من آل حاطوم أيضاً. ما يعني أنّها كانت على تنسيق متواصل مع القصر الرئاسي خلال المداهمة والكسر والخلع.

بعد الاجتماع الأمني القصير والسريع، والذي بدا كبلاغ رسمي بتأكيد استمرار الغطاء السياسي على غادة عون، اجتمع الرئيس عون منفرداً باللواء صليبا، ولامه بسبب عدم وقوفه إلى جانب غادة عون، فأجابه صليبا بأنّه لا يستطيع مخالفة القانون لأنّه يتلقّى الأوامر من مدّعي عام التمييز، رئيس النيابات العامة في كلّ لبنان.

هكذا أبدى الرئيس عون انزعاجه من أداء الأمن الداخلي ومن عدم مؤازرة أمن الدولة قاضيته السياسية غادة عون. ومعروف أنّ هذا الجهاز كان يواكب قاضية العهد في الأيام الأولى لتمرّدها على مجلس القضاء الأعلى، لكنّه اعتكف لاحقاً عن الاستمرار في مؤازرتها بعد تواصل عويدات معه، وإبلاغه أنّها ما عادت ذات صفة في الملفّ الذي تقوم بغزوات على شركة مكتّف بحجّته.

يروي أحد العاملين في شركة مكتّف، أنّ غادة عون نسيت هاتفها في غرفة جانبية، وتوجّهت إلى غرفة أخرى، فأمسك به هذا العامل، وقادته الحشرية إلى فتحه، فوجد أنّها تواصلت مع رقم باسم "Lebanese Presidency" سبع مرّات خلال المداهمة، ومع قاضية من آل حاطوم أيضاً

ويكشف مطّلعون أنّ موقف أمن الدولة أدّى إلى وقوع خلاف بين الجهاز وبين عون والتيار الوطني الحرّ من جهة أخرى. إذ رفض أن يخوض هذه المعركة خوفاً من المساءلة القانونية لاحقاً، حين ينتهي العهد. ولا تخفي المعلومات وجود خلافات متعدّدة بين رئيس الجهاز وبين جبران باسيل حول ملفات كثيرة.

الرئيس عون المنزعج من أداء الأجهزة الأمنية حاول "توريط" الجيش، بحسب معلومات "أساس"، بالطلب إليه استلام الملفّ، لكنّ مصادر تكشف أنّ الجيش رفضه استلام "كرة النار"، من "شعبة المعلومات" وبعد ابتعاد "أمن الدولة"، باعتبار أنّه "لا دخل للجيش في هذا الملفّ، والمهمام الموكلة إليه كافية، والجيش يتابع الملف الإغاثي ودعم العائلات الفقيرة وهذا يكفي"، وذلك بعدما طلب الرئيس من الجيش العمل "على توفير كلّ التسهيلات للقاضية لتنجز ما تريد". وأمس الأوّل تمت الاستعانة بأحد ألويته لتأمين خروجها.

وضرب الرئيس عون عصافير كثيرة بحجر "الاجتماع الأمني" الواحد. فبعث رسالة واضحة إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية، بأنّه القائد الأعلى للقوات المسلحة وأنّه هو فقط صاحب القرار. وأكّد على "مركزية" بعبدا، أمنياً واقتصادياً وسياسياً، وفق ما تقتضي الحاجة.

ختاماً، كان اجتماع الربع ساعة، والتقريع واللوم للأجهزة الأمنية، هدفه محدّد: تأمين غطاء أمني لحركة التمرّد التي تقودها غادة عون.

ومجدّداً، هذه المهزلة القضائية لا تزال في أدراج رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد. والأيام تمرّ ثقيلة على سعد وعلى هيبة القضاء.


إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...