الحريري لن يصبح "بيّ المسيحيين"... بل ربما "بيّ ولا حدا"


مفاجأة، ترقى إلى مستوى الصدمة، شكَّلها إصرار الرئيس المكلَّف تشكيل الحكومة سعد الحريري على تسمية جميع أو بعض الوزراء المسيحيين في حكومة "الإنقاذ"، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يكن ليتوقع أن يأتي يوم ويخسر فيه "الحق الكامل" بالتسمية كـ "شريك ومؤتمن"، أياً كانت الأسباب وعلى يد أي كان، والذي خاض من أجل استعادته وتكريسه "نضالاً" مديداً ومريراً، قبل وخلال توليه رئاسة البلاد.

المفاجأة الصدمة، وما رافقها من مجريات وتداعيات، أدَّت إلى نشوء أزمة موازية للأزمة الحكومية وأشد منها تعقيداً، فلا هي من العقد المعتادة ولا هي من العقبات المألوفة، المقدور على معالجة أي منها خلال مدى منظور.
مجرَّد القبول باحتكار الرئيس المكلَّف تسمية الوزراء المسيحيين، كلهم أو بعضهم، بما يعطِّل عملياً دور الرئاسة الأولى، في ظل صمت أو تواطؤ معظم القوى الحليفة والمناهِضَة للفريق الرئاسي، على حد سواء، يعني ما يلي:
- مبدئياً، انعدام أي أثَر لكل ما "ناضل" من أجله عون "جنرالاً ورئيساً" بهدف "استعادة صلاحيات رئاسة الجمهورية"، وتياره الوطني الحر تحت عنوان "استعادة حقوق المسيحيين"، وكأن ممحاة قد أزالته بمسحة "حريرية".

- واقعياً، الرئيس عون ليس "بيّ الكل".
- مستقبلياً، الرئيس الحريري "بيّ المسيحيين"، أقله في الحكومة.
على الصعيد "الشخصي - السياسي"، ما قد يؤلم الرئيس عون، إن حصل، هو ذهاب "نضاله" أدراج الرياح الداخلية الإقليمية والدولية، أما المؤلم للرئيس الحريري، مهما فعل أو حصل، فهو أن الثلث المعطل "شرٌ لا بدَّ منه"، خصوصاً أن انتزاعه من يد الفريق الرئاسي وحده، حتى خلال الفراغ الرئاسي الذي سيُفتعل لاحقاً، أمر يقارب المستحيل.
عملياً، من دون تسوية مع الرئيس عون ورئيس تياره الوطني الحر النائب جبران باسيل، يبدو أن لا حكومة يرأسها الحريري ولا سراي يدخلها ولا صفة رسمية يحملها لتقيه شرّ أصحابه.
فعلياً، الحريري لن يصبح يوماً "بيّ المسيحيين"، بل وبسبب تحويله الفرصة الإنقاذية إلى أزمة شخصية، ربما ينتهي به الامر "بيّ ولا حدا".
هناك مثل إيطالي يقول: "لا تحرق أصابعك بإطفاء شمعة غيرك"، فهل يتعظ الحريري؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...